عنوان الفتوى : القرآن علاج روحي وبدني
هل يوجدأحد يستطيع أن يعالج بالقرأن من المرض العقلي(مرض عضوي)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن الأخطاء الشائعة عند كثير من الناس اعتقادهم أن الاستشفاء بالقرآن مختص بأمراض معينة من نحو الصرع والمس، دون الأمراض العضوية، وهذا مردود عليه بعموم القرآن، وبما صح من أدلةٍ خاصة تبين أن القرآن يستشفى به من الأمراض العضوية، كما يستشفى منها بالأذكار، والأدعية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن الأدلة العامة قوله تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الاسراء:82]، فالقرآن جميعه شفاء ورحمة للمؤمنين. ا.هـ عن إغاثة اللهفان 1/4.
وقال العلامة ابن سعدي مبيناً عموم شفاء القرآن للأمراض القلبية - من شبهات وشهوات - والأمراض العضوية البدنية، فالشفاء الذي تضمنه القرآن عام لشفاء القلوب من الشبهة والجهالة، والآراء الفاسدة، والانحراف السيء، والقصود الرديئة، فإنه مشتمل على العلم اليقين، الذي تزول به كل شبهة وجهالة، والوعظ والتذكير الذي تزول به كل شهوة تخالف أمر الله، ولشفاء الأبدان من آلامها. ا.هـ من تسير الكريم الرحمن 3/128.
وقال تعالى: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ) [فصلت:44]. قال العلامة ابن سعدي: أي يهديهم لطريق الرشد والصراط المستقيم، ويعلمهم من العلوم النافعة ما تحصل به الهداية التامة، وشفاء لهم من الأسقام البدنية، والأسقام القلبية. ا.هـ عن تيسير الكريم الرحمن 4/403.
ومما صح من السنة في بيان تضمن القرآن لشفاء الأبدان ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتوا على حي من أحياء العرب فلم يقروهم، فبينما هم كذلك، إذ لدغ سيد أولئك، فقالوا هل معكم من دواء أو راقٍ، فقالوا: إنكم لم تقرونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلاً، فجعلوا لهم قطيعاً من الشاء، فجعل يقرأ بأم القرآن، ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ، فأتوا بالشاء فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسألوا فضحك، وقال: "وما أدراك أنها رقية؟! خذوها، واضربوا لي بسهم".
قال العلامة ابن القيم: فقد تضمن هذا الحديث حصول شفاء هذا اللديغ بقراءة الفاتحة عليه، فأغنته عن الدواء، وربما بلغت من شفائه ما لم يبلغه الدواء. أ.هـ. من تهذيب مدارج الساكين.
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهل بيته نفث عليه بالمعوذات. والأدلة في هذا الباب كثيرة، وفيما ذكرنا كفاية، ولكن يشترط في حصول الشفاء بالقرآن أن يكون الراقي به على اعتقاد صحيح من حسن التوكل على لله، وصدق اليقين به، فإن صادف محلاً قابلاً، بأن كان المسترقي على اعتقاد حسن، كان ذلك من أعظم ما يعين على حصول الشفاء، أما تعريفك بمن يستطيع ذلك عينا، فلا نستطيعه، غير أن الصالحين كثر، ولا يعدمهم من بحث عنهم بأوصافهم وفي مظانهم. والله أعلم.