عنوان الفتوى : مكفرات الصغائر والكبائر
هل ذكر الله سبحانه وتعالى والصلاة والسلام على رسول الله يجب أن تكون باللسان أم بالخشوع، كما في الصلاة لأنه توجد فتوى لكم عن بعض العلماء تقول إن الخشوع في الصلاة سنة لكن يحرم المصلي من أجر الخشوع، لكنه لا تبطل صلاته وأنا أسأل هل ذكر الله سبحانه وتعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هل هي كذلك كما في الصلاة وخاصة أنه توجد أذكار كثيرة في الصباح والمساء وأثناء النوم وكثيرة هي وأنا والحمد لله مواظب عليها وكذلك قراءة القرآن عندما أقرأ القرآن أشعر بأنني قد أخذني فكري إلى أشياء كثيرة هل قراءتي غير صحيحة وهل كثرة ذكر الله سبحانه وتعالى والصلاة على النبي تمحو الذنوب حتى وإن كانت كبيرة وحتى القسم على القرآن للمضطر بشيء غير صحيح (للمضطر) أي أنه اضطر إلى عمل هذا، مع العلم بأنه قسم لا يؤذي أحدا وكذلك ليخلص نفسه من المساءلة وقد يكون السجن وهل قراءة القرآن على الغيب واجب فيها الوضوء، أفتونا في كل هذه التساؤلات؟ وجزاكم الله خيراً في الدنيا والآخرة وحفظكم الله لخدمة دينكم ونشره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأفضل في حق المسلم عند قيامه بأي نوع من أنواع ذكر الله تعالى الجمع بين الذكر باللسان وحضور القلب، فهذه هي أعلى مراتب الذكر سواء كان الذكر تلاوة قرآن أو صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو أذكار نوم أو غيرها، وإذا أديت هذه الأذكار مع عدم حضور القلب عد صاحبها ذاكراً وأجزأته عن الواجب حيث كان بعضها واجباً؛ ولكن له من الأجر بقدر عمله، وكثرة ذكر الله تعالى من الحسنات التي تكون سبباً في محو صغائر الذنوب، أما الكبار فلا تموحها إلا التوبة الصادقة عند جمهور أهل العلم.
وإذا كان المسلم مضطراً للحلف كاذباً على المصحف فليجتهد في استخدام التورية في كلامه بحيث يأتي بكلام يقصد به هو معنى صحيحاً ويفهم منه المستمع معنى آخر، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 4512، والفتوى رقم: 6498 ليتضح معنى التورية، ولا يتعمد الإقدام على الحلف كذباً، فإن عجز عن ذلك وكان عدم حلفه يترتب عليه ضرر يشق تحمله كسجن مثلاً فيباح له الحلف الكاذب حينئذ للضرورة.
وتلاوة القرآن جائزة عن ظهر قلب من غير وضوء، وإليك مزيد تفصيل لما مضى: فقد قال النووي في المجموع: فإذا شرع في القراءة فليكن شأنه الخشوع والتدبر والخضوع فهو المطلوب والمقصود، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب، قال الله تعالى: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ. وقال تعالى: أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ. والأحاديث فيه كثيرة، وقد بات جماعة من السلف يردد أحدهم الآية جميع ليلته أو معظمها، وصعق جماعات من السلف عند القراءة، ومات جماعات منهم بسبب القراءة. انتهى.
وقال العيني في عمدة القارى: قال تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ. يعني الصلوات الخمس إذا اجتنبت الكبائر هذا قول أكثر المفسرين، وقال مجاهد هي قول العبد: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وقال ابن عبد البر: قال بعض المنتسبين إلى العلم من أهل عصرنا: إن الكبائر والصغائر تكفرها الصلاة والطهارة واستدل بظاهر هذا الحديث، وبحديث الصنابحي: إذا توضأ خرجت الخطايا من فيه... الحديث. وقال أبو عمر: هذا جهل وموافقة للمرجئة، وكيف يجوز أن تحمل هذه الأخبار على عمومها وهو يسمع قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا. في آي كثير، فلو كانت الطهارة وأداء الصلوات وأعمال البر مكفرة لما احتاج إلى التوبة، وكذلك الكلام في الصوم والصدقة والأمر والنهي، فإن المعنى أنها تكفر إذا اجتنبت الكبائر. انتهى.
وفي تحفة الأحوذي للمباركفوري: (وأتبع) أمر من باب الأفعال وهو متعد إلى مفعولين (السيئة) الصادرة منك صغيرة وكذا كبيرة على ما شهد به عموم الخبر وجرى عليه بعضهم لكن خصه الجمهور بالصغائر (الحسنة) صلاة أو صدقة أو استغفاراً أو نحو ذلك (تمحها) أي تدفع الحسنة السيئة وترفعها، والإسناد مجازي والمراد يمحو الله بها آثارها من القلب أو من ديوان الحفظة، وذلك لأن المرض يعالج بضده فالحسنات يذهبن السيئات. انتهى، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28251، 7098، 7432، 14831.
والله أعلم.