عنوان الفتوى : يا نفس أنت في الأمنية فاستقيمي واعملي وأنيبي
أنا أريد أن أتوب إلى الله من ذنوبي ولكني أرجع لنفس الذنب بعد مرور 5 سنوات على هذا الذنب رغم أني أعلم حق الله وأخافه ولكن قلبي هو سبب وقوعي في المحرمات وزوجي لا يملأ ذلك الفراغ مما يتسبب في سهولة خطئي أريد التوبة والرجوع إلى الله دون خجل انا كنت أصلي كثيرا وأصوم كثيرا وأدعو الله التوبة والاستغفار والندم والبكاء ولكن وقوعي في نفس الخطإ جعلني أخجل من الله وأهمل الوقوف بين يديه أنا أتمزق أريد الدنيا وأريد الآخرة فكرت في الانفصال عن زوجي والتزوج من الشخص الذي أحببته ولكن أخاف أن يكون ذلك ذنباً آخر أرتكبه في حق أولادي .....فماذا أفعل إن الله قدر علي المعصية والزنى ....أحاول الهروب ولكن الشيطان دائماً ينتصر علي ولا أستطيع الانتصار عليه لإحساسي بغضب الله علي وأنه لا يقبل توبتي ولا يعينني عليها .....أنا لست بجميلة ولكن لدي قبول في وجهي يجعل من يراني يحبني ويطمع في وتأكدت من ذلك عندما وقع في حبي الشيخ الدكتور المصلي المتعبد إلى الله أستاذي في الجامعة وقال لي بالحرف الواحد أنا لا أستطيع أن أقول لك أحبك أو أجلس معك في مكان وأنت على ذمة رجل أخر وكأنه يدعوني للطلاق......وعليه تعرضت دراستي للتعسر منذ 3 سنوات وحتى الآن......هذا مثال لما تعرضت إليه من إغراءات الطبيب الذي أذهب للعلاج عنده بعد عدة زيارات يتلهف على معانقتي وتقبيلي وعشقي .....كل ما يقبلني رجل أرى الحب في عينه رغم أنني لا أسعى لذلك .....عندما قرئت علي الرقية الشرعية حدث لي إغماء دام ساعات وفقدت النطق رغم الإحساس بكل شيء يدور حولي وبعد محاولات الشيخ الفاضل قال إنني أعاني مس للجسد وسحر شديد هو السبب فيما أعاني لأنه يهودي يعشقني ويريدني له وحده علماً أني أرفض زوجي وأصر على الطلاق منه وأتمسك بالمعصية والخطيئة أرجوكم ساعدوني للرجوع إلى الله قبل فوات الأوان فليس في العمر ما يشفع فالموت قريب وأحاول الوصول إليه أنا أحرم نفسي من الأكل والشرب عقاباً لها على ما تقترف من ذنوب ولتعجيل الموت أنقذوني مما أنا فيه يا أهل الذكر أثابكم الله على عودة مسلمة لصوابها......
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الظاهر من سؤالك أنك لا يزال فيك خير، فأنت تحسين بأنك على خطأ، واستشعار المرض هو أول خطوات العلاج، فإنك قد اقترفت إثما مبيناً، ولوثت شرفك بهذا المنكر الشنيع، فكيف رضيت أن تعصي ربك وتطعني عرضك بهذه العلاقة المحرمة، فالزنى فاحشة شنيعة من أخطر الكبائر، ولكن إذا كانت المرأة ذات زوج فمعصيتها أشد وإثمها أكبر، ولا يجوز لها أن تسأله الطلاق لتنكح من زنى بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. حديث صحيح أخرجه أحمد وابن ماجه والدارمي، وانظري الفتوى رقم:2019 ، والفتوى رقم: 38577. ولا يجوز قتل النفس بالجوع ولكن يشرع للمرأة ان تكثر من صوم النوافل لتضعف شهوتها عملا بما في الحديث: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. متفق عليه.
فعليك بصدق التوبة، فإن الله يقبل توبة من تاب من الذنوب توبة نصوحا مهما كانت الذنوب إذا استوفيت شروط التوبة، ويدل لهذا قول الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ {الشورى:25}، وقوله تعالى: وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {الأنعام:54} وقال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور: 31}. وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً {التحريم:8}. وقال تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {الأنعام: 54}. وقال سبحانه وتعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى{ طـه:82}. وقال الله تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ { هود:114}. ويدل له ما في حديث مسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه. وما في حديث مسلم: إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها. رواه مسلم. وما في حديث الترمذي: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها. رواه أحمد. وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن عبداً أصاب ذنباً، وربما قال: أذنب ذنباً، فقال: ربِّ أذنبت، وربما قال: أصبت، فاغفر لي، فقال ربه: أعَلِمَ عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنباً، أو أذنب ذنباً، فقال: ربِّ أذنبت - أو أصبت - آخر فاغفره؟ فقال: أعَلِمَ عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنباً، وربما قال: أصاب ذنباً، قال: قال: ربِّ أصبت - أو قال: أذنبت - آخر فاغفره لي، فقال: أعَلِمَ عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي، ثلاثاً، فليعمل ما شاء. ولمعرفة شروط التوبة النصوح انظري الفتوى رقم: 5450.
وننصحك بما يلي:
أولا: أكثري من فعل الطاعات، والذكر والاستعاذة من الشيطان ومن الشر كله كلما خطر بقلبك التفكير في المعاصي، فقد قال الله تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ {فصلت: 36} وقد سأل أبو بكر فقال: يا رسول الله مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت قال: قل: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، قلها: إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك. رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح. وفي سنن أبي داود والنسائي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعقبة: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثا تكفيك من كل شيء.
واشغلي فكرك ووقتك وفراغك بما يفيد، فإن أفضل ما يعمر به المؤمن وقته ويومه هو الانشغال بالقيام بالفرائض كالصلوات الخمس، والصيام الواجب، وبر الوالدين، وصلة الأرحام وغير ذلك من الواجبات، وكذلك القيام بالسنن والمستحبات كالصلوات الراتبة وقيام الليل والصدقة المستحبة، وقراءة القرآن والتسبيح والذكر ونحو ذلك..
ثانيا: أظهري محبتك لزوجك، وتوددي إليه، وتزيني له حتى ينشط لما يعفك، ولا مانع أن تلمحي له أو تصارحيه بحاجتك، ويتعين عليه الاستجابة لإعانتك على العفة، واستحضري خطر مخالطة الأجانب، فقد اتفق العلماء على حرمة الخلوة بالأجنبي لصريح النهي عنها، روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه، وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. رواه البخاري وغيره. وقال الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ{ النور:30-31}. وقال الله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا{ الإسراء:32} ويتأكد البعد عن هذا في حق المتزوجة التي عندها زوج تستعف به عن الحرام، فالاتصال بالزوج من أنفع الوسائل في قمع النفس عن الأجانب، ففي صحيح مسلم: باب ندب من رأى امرأة فوقعت في نفسه إلى أن يأتي امرأته أو جاريته فيواقعها، وأسند الحديث: إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه فليعمد إلى امرأته فليواقعها فإن ذلك يرد ما في نفسه.
ثالثا: ألحي على الله بالدعاء أن يرزقك القناعة، وأن يحببك إلى زوجك، وأن يحبب زوجك إليك، وأن يعفك به وعليك بالدعاء المأثور: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. رواه مسلم. وبالدعاء المأثور: اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي، ومن شر منيي. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني.
رابعا: عليك بالاستغفار، و الإقلاع عن جميع الأسباب المؤدية إلى الفتنة والمعصية؛ كاللقاء بالرجال أو الاتصال بهم أو التعرف عليهم، وعليك باتخاذ الرفقة الصالحة، والبعد عن صديقات السوء، والتزام العلاج النبوي لإخماد نار الشهوة بكثرة الصوم وغض البصر، وشغل النفس بما ينفعها من تعلم العلوم النافعة، وإياك والخلوة والفراغ، فإنهما سبيلان لكثرة الهواجس والوساوس التي يتسلط بها الشيطان على ضعاف النفوس.
خامسا: طالعي في القرآن والسنة الترهيب من الفواحش والتحذير منها، فقد قال الله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أمة محمد: والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد: والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا. متفق عليه. وفي صحيح البخاري -في حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم الطويل- قال صلى الله عليه وسلم:...... فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نارا، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة، ثم قال له الملكان:... والذي رأيت في الثقب الزناة. وفي صحيح البخاري أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان كان كالظلة، فإذا انقطع رجع إليه الإيمان. رواه أبو داود والترمذي والبيهقي واللفظ لأبي داود.
سادسا: طالعي في القرآن والسنة الترغيب في التوبة والحياء من الله، واستشعار مراقبته، وتأملي ما فيهما من الوعد والوعيد وأهوال الآخرة، ومن أهمها رياض الصالحين والمتجر الرابح للدمياطي، وفضائل الأعمال للمقدسي، والترغيب والترهيب للمنذري.فقد دلت الأحاديث على أن العلم بأحوال القبور والآخرة يقمع الشهوات والأهواء، ومن ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي والألباني.
سابعا:عليك بالحرص على الاستقامة على التوبة إلى الله، وعقد العزم على عدم العودة للذنب أبدا، وإذا سقطت مرة وأغواك الشيطان فلا تعتبريها النهاية، ولا تستسلمي لليأس، بل اهزمي الشيطان واستغفري ربك وكوني ممن قال الله تعالى فيهم: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ{آل عمران: 135-136} وعليك بالحياء من الله والخوف من بطشه الشديد وعقابه الأليم فقد قال الله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{النور:63}، وقال تعالى: وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ {آل عمران:28}، وقال الله تعالى: إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ {البروج:12}. ألا تستحين من الله الذي يعلم سرك وجهرك، وهو قادر على أخذك بما اقترفت، وهو القائل: أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ العَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ {النحل:45}. ألا تخشين بأسه وتنكيله، وهو القائل: وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً {النساء:84}. ألا تذكرين أهمية الحياء والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: والحياء شعبة من الإيمان. متفق عليه. وفي البخاري: فإن الحياء من الإيمان. وفيه: الحياء لا يأتي إلا بخير. وفي مسلم: الحياء خير كله. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استحيوا من الله حق الحياء. قال: قلنا: يا رسول الله، إنا نستحي والحمد لله، قال: ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك استحيا من الله حق الحياء.أخرجه أحمد والحاكم والبيهقي. وقال الحاكم: صحيح، وأقره الذهبي، وحسنه الألباني.
فعليك باستشعار مراقبة الله تعالى، وملاحظة أنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأنه يعلم سرك ونجواك. قال الله تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلَّامُ الغُيُوبِ {التوبة:78} {التوبة:78}. وتذكري أنه ربما يطلع عليك ولد صغير فيراك أو يكتشف أحد أقربائك حالك فكيف يكون خجلك وحياؤك منهم، وينبغي أن يكون خجلك وحياؤك من خالقك ومربيك ومدبر أمورك ومن إليه مرجعك أشد وأعظم، واذكري قول الله جل وعلا: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {الحديد:4}، فاذا كنت لا تستطيعين فعل هذه الفعلة القبيحة أمام أبيك أو أمك أو أي شخص تستحين منه؟ أفلا تستحين من الله، ألم تقرئي قول الله تعالى: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ القَوْلِ وَكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا {النساء:108}، وقوله تعالى: أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {هود: 5} قال الشيخ الشنقيطي في تفسير هذه الآية: يبين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه لا يخفى عليه شيء، وأن السر كالعلانية عنده، فهو عالم بما تنطوي عليه الضمائر وما يعلن وما يسر، والآيات المبينة لهذا كثيرة جدا، كقوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ {ق: 16 } وقوله: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ {يونس:61} ولا تقلب ورقة من المصحف الكريم إلا وجدت فيها آية بهذا المعنى. اهـ.
وقد قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في منزلة المراقبة: وهي ثمرة علمه ( أي العبد ) بأن الله سبحانه رقيب عليه، ناظر إليه، سامع لقوله، وهو مطلع على عمله في كل وقت وفي كل لحظة، وكل نفس وكل طرفة عين. وقال: وأرباب الطريق مجمعون على أن مراقبة الله تعالى في الخواطر سبب لحفظها في حركات الظواهر. فمن راقب الله في سره حفظه الله في حركاته في سره وعلانيته.اهـ
وعليك أن تستري نفسك ولا تطلعي أحدا على ذنبك، لما في الحديث: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله. أخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وقال صلى الله عليه وسلم: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله. رواه الحاكم والبيهقي، وصححه السيوطي وحسنه العراقي. وقال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان؛ عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه. رواه البخاري.
ثامنا: حافظي على الصلوات المفروضة والنوافل، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، كما قال الله تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ{العنكبوت:45}. وأكثري من ذكر الله دائما فهو الحصن الحصين من الشيطان، ففي الحديث: وآمركم بذكر الله عز وجل كثيرا، وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عز وجل.أخرجه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الألباني.
تاسعا: احرصي على أن تجعلي زوجك عونا لك على الاستقامة، فاحرصي على هدايته، وأكثري من نصحه وترغيبه وترهيبه والدعاء له، وتعاوني معه على مجلس علم في البيت تقرآن فيه من آيات الوعد والوعيد وأحاديث الترغيب والترهيب، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم فضل المرأة التي تعين زوجها على دينه وآخرته. فقد سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: لو علمنا أي المال خير فنتخذه؟ فقال: أفضله لسان ذاكر، وقلب شاكر، وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه.رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني وفي رواية: ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة. رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني. كما دعا بالرحمة لمن تقوم تصلي من الليل وتوقظ زوجها حتى يصلي، فقال: رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء. رواه أحمد والنسائي وأبو داود والحاكم وصححه الألباني. ويضاف إلى هذا عموم ما ذكره القرآن من التأكيد على التواصي بالحق والأمر بالمعروف والتعاون على البر والتقوى. قال تعالى: وَالعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{ العصر:1 - 3}، وقال تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى {المائدة:2}، وقال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ {التوبة:71}.
وراجعي في علاج السحر والتحصن من الشرور كلها، وفي موضوع الاحتجاج بالقدر على المعاصي، وفي ضوابط تداوي المرأة عند الطبيب الذكر الفتاوى ذات الأرقام التالية مع إحالاتها:73347، 61869، 69805، 61490، 58076، 62872، 30566، 4054، 26413، 61976، 23139.