عنوان الفتوى : تجارة العملة على الإنترنت والاتجار في الأسهم عبر البورصة
هذا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فصحيح أن نظام الهامش أو ما يسمى بالمارجن هو نظام ربوي؛ لأنه يتضمن قرضا من السمسار للعميل، وهذا القرض ليس مجانيا بل مقابل فائدة أو مقابل عمولات البيع والشراء التي تتم عن طريقه، فهو قرض جر نفعا. كما أن المتاجرة بالهامش تتضمن قدرا كبيرا من المخاطر في أسواق الأسهم.
وأما الاتجار في العملات فإنه لا يجوز إلا إذا تقيد بضوابط الشرع، بأن كان يتم فيه التقابض في المجلس بما يتراضى عليه الطرفان، أو ما يقوم مقام المجلس مثل انتقال العملة من حساب البائع إلى حساب المشتري، وانتقال العملة الأخرى من حساب المشتري إلى حساب البائع. ثم إن عملة كل بلد في نفسها تعتبر صنفا واحدا لا تجوز المفاضلة فيه، فلا تؤخذ مائة منها ولو كانت من فئة مرغوب فيها بمائة وعشر مثلا؛ لأن العملات من الأصناف الربوية فهي قائمة مقام النقدين: الذهب والفضة؛ لأنها أصبحت ثمنا لكل مثمن وقيمة لكل مقوم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا غائبا منها بناجز… متفق عليه.
وهذه الضوابط لا تتقيد بها البورصات العالمية في الغالب.
ثم إن تجارة الأسهم إذا كنت تعني بها ما يجري في البورصة العالمية، فإنها لا تخلو في الغالب من محاذير شرعية، ومن ذلك:
· أن العقود الآجلة التي تجري في هذه السوق ليست في معظمها بيعا حقيقيا ولا شراء حقيقيا؛ لأنها لا يجري فيها التقابض بين طرفي العقد فيما يشترط له التقابض في العوضين أو في أحدهما شرعا.
· أن البائع فيها غالبا يبيع ما لا يملك من غلات وأسهم ونحوهما.
· أن المشتري فيها غالبا يبيع ما اشتراه لآخر قبل قبضه، والآخر يبيعه أيضا لآخر قبل قبضه، وهكذا يتكرر البيع والشراء على الشيء ذاته قبل قبضه فيكون قد حدث بيع مالا يملك.
· فشو الاحتكار من قبل المتمولين.
· خطورة هذه السوق (البورصة) ويتمثل ذلك في اتخاذها وسيلة للتأثير في الأسواق بصفة عامة؛ لأن الأسعار فيها لا تعتمد كليا على العرض والطلب الحقيقيين من قبل المحتاجين إلى البيع أو إلى الشراء، وإنما تتأثر بأشياء كثيرة بعضها مفتعل كإشاعة كاذبة أو نحوها.
وإن كنت لا تعني بتجارة الأسهم ما يجري في البورصات العالمية، فإنه يبقى فقط احتمال كون الأسهم في مؤسسات محرمة أو مكاسبها محرمة، كالمصارف التي تتعامل بالربا أو شركات تصنيع الخمور وغير ذلك مما هو محرم شرعا، أو كون الشركات تودع أموالها في حسابات ادخار في بنوك ربوية ونحو ذلك.
فإن اتقيت جميع هذه المحاذير فلا حرج شرعا في التعامل في تجارة الأسهم عبر البورصة أو غيرها.
والله أعلم.