عنوان الفتوى : قاتلوا الحسين إذا تابوا فهل يغفر الله لهم
هل يصح القول بأن الله تعالى لا يغفر لقاتلي الحسين، لما ارتكبوا من جريمة شنعاء في حق العترة المحمدية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقتل الحسين بن علي رضي الله عنه وعن أبيه كان في عهد يزيد بن معاوية، وقد كان ذلك من الأمور العظيمة، ومن المنكرات الجسيمة التي قام بها، قال عنه الذهبي: افتتح دولته بمقتل الحسين واختتمها بواقعة الحرة، فمقته الناس، ولم يبارك له في عمره. انتهى.
وكان قتله رضي الله عنه على أيدي أعوان عامل يزيد: عبيد الله بن زياد -عاملهم الله بما يستحقون- وذلك في مأساة هزت المجتمع المسلم في وقتها، وألقت بظلالها عليه فيما بعد، وقتل المسلم أياً كان يعتبر جرماً عظيماً وذنباً كبيراً، قال الله تعالى في كتابه: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93}، وروى أبو داود عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن معنقاً -ومعنى معنقاً: خفيف الظهر سريع السير- صالحا ما لم يصب دما حراماً، فإذا أصاب دما حراما بلح. أي أعيا وانقطع. وروى ابن ماجه وغيره عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق.
فدلت هذ الآيات والأحاديث على عظم جرم مثل هذا الفعل وقد ذهب ابن عباس وزيد بن ثابت وأبو هريرة وأبو سلمة بن عبد الرحمن وقتادة والضحاك والحسن إلى أنه لا توبة لقاتل العمد، وإذا كان كل هذا في قتل أي مسلم، فما بالك بقتل سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته؟ ومع كل هذا، فإن القول بأن الله تعالى لا يغفر لقاتلي الحسين رضي الله عنه يعتبر قولاً على الله بغير حق، فالصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم أن القاتل أياً كان نوع قتله داخل في عموم قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء {النساء:48}.
والله أعلم.