عنوان الفتوى : امتناع الزوج عن فراش زوجته ليس من حسن العشرة
عرفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم المرأة التي تبيت وزوجها غير راض عنها فما حكم الرجل الذى يبيت وهو رافض زوجته فى الفراش دون سبب شرعى ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن الواجب على الأزواج أن يعاشروا زوجاتهم بالمعروف، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) [النساء:19].
وقوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة:228].
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص لما شغل وقته بقيام الليل وصيام النهار: "صم وأفطر، ونم وقم، وصم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، فإن لنفسك عليك حقاً، ولزوجك عليك حقاً، ولضيفك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه" رواه البخاري ومسلم.
ومن العشرة بالمعروف المبيت في فراش الزوجية، والقيام بحق الزوجة، حيث لا يجوز له ترك ذلك إلا لمانع أو عذر شرعي، وقد اختلف العلماء في وجوب وطء الرجل زوجته، هل يكون في كل أربعة أيام مرة؟ أو في كل أربعة أشهر مرة؟ أم أن هذا يكون حسب حاجتها، وقدرته؟
وقد سئل الإمام ابن تيمية رحمه الله عن الرجل يترك وطء زوجته الشهر والشهرين،فهل عليه إثم؟
فأجاب: يجب على الزوج أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقها عليه: أعظم من إطعامها. والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل بقدر حاجتها وقدرته، وهذا أصح القولين. والله أعلم. مجموع فتاوى ابن تيمية (32/271).
ومعلوم أن طبيعة الرجل تختلف عن طبيعة المرأة في الناحية الجنسية، ومن هنا نص الفقهاء على أن الواجب على الزوجة تمكين زوجها من وقاعها كل وقت رغب في ذلك، ولو كانت في شغل شاغل، وعلى أي هيئة كانت. ما لم يضرها أو يشغلها عن فرض.
أما الرجل، فإنه لا يجوز له ترك فراش الزوجية وقتاً طويلاً يضر بالمرأة، كما نص الفقهاء على أن أكثر ما يمكن للمرأة أن تصبره عن زوجها هو أربعة أشهر، وهذا في غير الأحوال العادية، لأن الاقتصار على الواجب لا يعد من حسن المعاشرة، ولا يقوم بواجب إعفاف الزوجة كما ينبغي، وكما تتطلع هي، بل هو الحد الأدنى، وأقل ما يمكن فعله، ومن هنا أوجبوا على الرجل وطء الزوجة في كل ثلث سنة مرة.
وننبه إلى ضرورة اهتمام المرأة بنفسها وبزينتها، والتهيؤ التام للزوج، فربما نفر الزوج عن زوجته بسبب انشغالها عنه، أو ترك التزين له، ونذكر بوجوب أن يتعاشرا بالمعروف.
والله أعلم.