عنوان الفتوى : طرق تنصيب الخليفة
ورد في "لمعة الاعتقاد" أن مالكًا قال: (من بين شروط البيعة أن يرث الحاكم المسلم الملك عن أبيه، أو أن يقتل حاكمًا قبله، فيستتب له الأمر، أو أن يدخل أرضًا بحد السيف)، فما مدى صحة ذلك؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فكتاب لمعة الاعتقاد هو للإمام: ابن قدامة المقدسي.
وبالرجوع إلى الكتاب المذكور، لم نجد فيه النقل عن مالك -رحمه الله-، لكن قال المؤلف: ومن ولي الخلافة، واجتمع عليه الناس، ورضوا به، أو غلبهم بسيفه حتى صار الخليفة، وسمي أمير المؤمنين، وجبت طاعته، وحرمت مخالفته، والخروج عليه، وشق عصا المسلمين.
وقال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله- في شرحه على اللمعة (5/87 ضمن مجموع فتاويه ورسائله): الخلافة منصب كبير، ومسؤولية عظيمة، وهي تولي تدبير أمور المسلمين، بحيث يكون هو المسؤول الأول في ذلك، وهي فرض كفاية؛ لأن أمور الناس لا تقوم إلا بها، وتحصل الخلافة بواحد من أمور ثلاثة:
الأول: النص عليه من الخليفة السابق، كما في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فإنها بنص من أبي بكر -رضي الله عنه-.
الثاني: اجتماع أهل الحل والعقد عليه، سواء كانوا معينين من الخليفة السابق، كما في خلافة عثمان -رضي الله عنه-، فإنها باجتماع من أهل الحل والعقد المعينين من قبل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، أم غير معينين، كما في خلافة أبي بكر رضي الله عنه -على أحد الأقوال-، وكما في خلافة علي -رضي الله عنه-.
الثالث: القهر، والغلبة، كما في خلافة عبد الملك بن مروان حين قتل ابن الزبير، وتمت الخلافة له. انتهى.
ومنه يعلم أن مستند الحالات الثلاث إجماع الصحابة -رضي الله عنهم-؛ ولهذا لم يختلف أهل العلم في ذلك، وحكى غير واحد إجماعهم على أن الخلافة تثبت بهذه الطرق الثلاث.
وفيما يخص الطريق الثالث، فقد نقل ابن حجر في فتح الباري عن ابن بطال قوله: وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب، والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه؛ لما في ذلك من حقن الدماء، وتسكين الدهماء... ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح، فلا تجوز طاعته في ذلك، بل تجب مخالفته لمن قدر عليها.
والله أعلم.