عنوان الفتوى : الرد على من زعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم غدر بكعب بن الأشرف اليهودي وأمثاله
ما موقف الشرع من الغدر؟ وبما أن الجواب سيكون بأن الغدر حرام ، فما قولكم في قتل الرسول صلى الله عليه وسلم لرجلين من اليهود غدراً دون قتال مهما كانت الأسباب ، فقد قتل أحدهم على فراشه أمام زوجته والآخر غيلةً من صاحب له من قبل؟ و هل يجوز هذا الفعل من رسول؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغدر، وهو سيد الأمناء الأوفياء.
وقتل من استحق القتل لا يسمى غدراً.
وبيان ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل كعب بن الأشرف اليهودي، وذلك لنقضه العهد، فقد ضاق صدره بانتصار المسلمين في غزوة بدر، فانبعث يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، ويمدح عدوهم، ويحرضهم عليهم، بل ركب إلى قريش، وجعل ينشد الأشعار، يبكي فيها على أصحاب القليب من قتلى المشركين، يثير حفائظهم، ويذكي حقدهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدعوهم إلى حربه. ولما سأله المشركون: أينا أهدى سبيلاً؟ فقال: أنتم أهدى منهم سبيلاً، وأفضل.
ثم رجع إلى المدينة، فجعل يُشبب في أشعاره بنساء الصحابة، ويؤذيهن بسلاطة لسانه أشد الإيذاء، وحينئذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله.
وكذلك فعل صلى الله عليه وسلم مع أبي رافع سلام بن أبي الحقيق، فقد نقض أبو رافع العهد، وخرج إلى قريش يحرضهم على غزو النبي صلى الله عليه وسلم، ووعدهم بالنصر، فخرجت قريش لغزوة الأحزاب، فلما نصر الله المؤمنين في الأحزاب، ورد كيد كفار قريش، كان لابد من معاقبة هذا اليهودي الخائن، وردع أمثاله من اليهود.
ولا شك أن كثيراً من اليهود لم ينقضوا العهد في ذلك الوقت، ومحاولة قتل ذينك اليهوديين علانية باستدعائهما، وإقامة حكم الله عليهما تعني وقوف اليهود معهما، واندلاع الحرب بينهم وبين المسلمين، فكان من الحكمة أن يقتلا منفردين.
ولقد أذعن اليهود لهذا الأمر، ولم يكن منهم مدافع عن القتيلين، لعلمهم بخيانتهما، ونقضهما للعهد، وأنهما لقيا جزاءهما.
وهذا العمل يعد من سياسة النبي صلى الله عليه وسلم وحكمته في التعامل مع من استحق القتل دون إثارة لقومه الباقين على العهد. والله أعلم.