عنوان الفتوى : حكم خلع الخليفة
ما حكم خلع الخليفة في المذاهب الأربعة ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أجمع أهل العلم بما فيهم أهل المذاهب الأربعة على وجوب طاعة خليفة المسلمين إذا كان عادلا وحرمة خلعه والخروج عليه؛ لقول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ {النساء: 59 } وفي الصحيحين وغيرهما عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله؛ إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان . والكفر البواح هو الظاهر الذي لا يحتمل تأويلا. وفي صحيح مسلم وغيره عن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم، قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف ؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يدا من الطاعة .
وجاء في الموسوعة الفقهية: أجمع العلماء على أن الإمام إذا كان عدلا تجب طاعته ويحرم الخروج عليه، وأما الإمام الجائر فقد اختلف الفقهاء فيه على أقوال........
وهذا الأقوال لا يتسع المقام لذكرها وتفصيلها، وبإمكانك مراجعتها في حكم دوام الإمامة وحكم البغاة والإمامة الكبرى في الموسوعة الفقهية وكتب المذاهب.
وإذا ثبت كفر الخليفة وبغيه وجوره فإن حكم الخروج عليه وخلعه يدور مع المصلحة وجودا وعدما ، قال الدسوقي المالكي : يحرم الخروج على الإمام الجائر لأنه لا يُعزل السلطان بالظلم والفسق وتعطيل الحقوق بعد انعقاد إمامته، وإنما يجب وعظه. وعدم الخروج عليه إنما هو تقديم أخف المفسدتين إلا أن يقوم إمام عادل فيجوز الخروج عليه وإعانة ذلك القائم . ونقل الخرشي المالكي في شرحه للمختصر عند قول خليل: الباغية فرقة خالفت الإمام لمنع حق أو لخلعه فللعدل قتالهم . قال : سحنون روى ابن القاسم عن مالك إن كان الإمام مثل عمر بن عبد العزيز وجب على الناس الذب عنه والقتال معه، أما غيره فلا، دعه وما يراد منه، ينتقم الله من الظالم بالظالم ثم ينتقم من كليهما .
والحاصل أن خلع الخليفة لا يجوز في المذاهب الأربعة إذا كان عدلا، وأن خلعه إذا كفر أو ظلم لا يجوز إذا كانت تترتب عليه مفسدة أعظم، فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وانظر للمزيد من الفائدة والتفصيل وأقوال أهل العلم الفتوى رقم : 29130 ، وما أحيل عليه فيها .
والله أعلم .