عنوان الفتوى : شبهة وجوابها حول إثبات صفة اليد لله عز وجل
في مسألة الأسماء والصفات قال لي أشعري إن قولنا مثلا إن لله يد ليست كأيدينا قول مبتدع لأن الصحابة ورد عنهم قولهم أمروها كما جاءت ولم يقولوا بمثل هذا أي يد ليست كيد .. الخ فنرجو من حضرتكم إجلاء الحق وتبيينه ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقول بأن لله تعالى يدا ليست كأيدينا ليس قولا مبتدعا بل هو قول دل عليه الكتاب والسنة وأجمع عليه أهل السنة والجماعة ، قال الله تعالى : بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ {المائدة: 64 } وقال تعالى : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ {ص: 75 } وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن آدم قال لموسى عليهما الصلاة والسلام : أنت يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوارة بيده . رواه مسلم والترمذي وأبوداود واللفظ له .
والقول بأن يد الله ليست كأيدينا دل عليه الوحي أيضا ، قال تعالى : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ {الشورى: 11 } وقال تعالى : هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا {مريم: 65 } قال الإمام ابن عبد البر المالكي رحمه الله تعالى : أهل السنة مجمعون على الإقرار بهذه الصفات الواردة في الكتاب والسنة ولم يكيفوا شيئا منها ، وأما الجهمية والمعتزلة والخوارج فقالوا من أقر بشيء منها فهو مشبه . اهـ .
فأنت ترى أن الإقرار بالصفات محل إجماع بين أهل السنة وهم مع ذلك لا يكيفون ولا يمثلون ، وأما زعم صاحبك بأن هذا مخالف لقول الصحابة : أمروها كما جاءت . فجوابنا عليه من وجوه :
الأول : أن هذا ليس قولا مرويا عن الصحابة فيما نعلم، وإنما هو مروي عن جماعة من السلف من التابعين وأتباعهم بإحسان وهو قول حق .
ثانيا : أن الأشاعرة هم من يخالف هذا القول فهم يؤولون صفة اليد بالقدرة أو القوة فلم يمروها كما جاءت فهم يخالفون ما يستدلون به .
ثالثا : أن المقصود بقول السلف : أمروها كما جاءت . أي بلا تكييف وهذا هو المروي عنهم ، روى البيهقي في سننه عن الوليد بن مسلم قال : سئل الأوزاعي ومالك وسفيان الثوري والليث بن سعد عن هذه الأحاديث : فقالوا أمروها كما جاءت بلا كيفية . اهـ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى : أمروها كما جاءت بلا كيف . فإنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة . اهـ .
وانظر الفتوى رقم : 17967 ، حول إثبات صفة اليد .
والله أعلم .