عنوان الفتوى : التحرز مما يُظنُّ أنه من مساكن الجن
هل الجني يمكنه أن يؤذي أحدا إذا فعل شيئا ما كسكب الماء الساخن على البلوعة مثلا أو غير ذلك وكيف يمكن اجتناب إيذائه ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على المسلم أن يتجنب إيذاء المخلوقات جميعا سواء كانوا من الجن أو الإنس أو الحيوان أو الطير ، لأن إيذاء الغير فيه تعد وظلم ، وقد قال تعالى : وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {البقرة: 190 } والقاعدة أنه لا ضرر ولا ضرار ، فإذا تبين لنا من نصوص الشرع أن الجن أو غيرهم يتأذون من أمور معينة وجب علينا اجتنابها ، وإذا علمنا أنهم يسكنون في أماكن معينة تجنبنا مزاحمتهم وإيذاءهم فيها ، وكون الشياطين تسكن في البالوعات أو الحمامات أمر غير مُسلَّم؛ كما بيناه في الفتوى رقم : 48379 ، وروى أبو داود والحاكم عن عبد الله بن سرجس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : نهى أن يبال في الجحر. قال: قالوا لقتادة: ما يكره من البول في الجحر؟ قال كان يقال: إنها مساكن الجن . قال الحاكم : هذا حديث على شرط الشيخين .
قال المناوي في فيض القدير : قال الولي العراقي : فيه كراهة البول في الجحر ، هبه ثقبا نازلا في الأرض أو مستطيلا تحتها. قال : وعللوه بعلتين: أحدهما: أنه مسكن الجن، ويؤيده الأثر الصحيح أن سعد بن عبادة بال في جحر فخر ميتا، فسمعت الجن تقول:
نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة رميناه بسهم فلم يخطئ فؤاده . انتهى .
ومع هذا فقد قال الحاكم رحمه الله : ولست أبت القول أنها مسكن الجن لأن هذا من قول قتادة . انتهى .
وإذا دار الأمر بين احتمال كونها مساكن الجن أو لا فالأفضل في مثل هذه الحالة الاحتياط بالتحرز من فعل ما يؤذي الجن سواء كان بالماء الحار أو غيره ، وكذا ذكر الله تعالى بما ينفع من الأذكار الدافعة المانعة من شرهم ، وقد بينا كيفية ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية : 26335 // 13513 // 4179 // 4403 // 33860 // 18583 // 31472 .
والله أعلم .