عنوان الفتوى : توبة ساب الدين والرب
عزيزي الشيخ هذا ليس سؤالا ولكن أنا أبحث عن طريق الهداية. طبعا أنا شخص مسلم وأصلي ولا أقطع فرضا من سنتين ولكن عندي مشكلة كبيرة كبيرة مضيعة صلاتي كلها فما أصليه بالنهار أضيعه بالليل وما أصليه بالليل أضيعه بالنهار أو أي لحظة . مع أنني أشتغل بمكان محترم وصاحب شخصية قوية ولكن مشكلتي الكبرى المؤثرة علي أين ما ذهبت وغير قادر على أن أتحاشاها هي ( مسبات الدين والرب ) وخصوصا مع العصبية لا أعرف كيف تخرج مني مسبات وشتم والمشكلة أني أشعر أنها سهلة وأسهل من سهلة تطلع مني ولكن الحقيقه أنها مؤثرة على حياتي كلها وأين ما رحت أظل خائفا من هذه الناحية . وكل يوم أقول خلاص هذه آخر مرة أسب فيها ولكن لاأقدر وبنفس الوقت لا أجد حلا . أتمنى يا شيخ أن أنام وأصحو وأجد نفسي مغسولا من هذه الخطيئة اليومية اللحظية التي تثيرني والله بعلم كم قلبي طيب ولكن...
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل العظيم رب العرش العظيم أن يمن عليك بالهداية والتعظيم له ولدينه ولرسوله، فما تقوم به هو أعظم الكفر والعياذ بالله وعلى ذلك أجمع أهل العلم.
فأي كفر أعظم من سب الرب الذي خلقك فسواك فعدلك، ومَنّ عليك بالإيجاد والصحة والعافية فاتق الله وراقبه وتأمل فيما تفعل وانظر إلى أولئك المنافقين الذين قال الله عنهم: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ {التوبة :65-66}.
وقد نزلت في أناس لم يعلنوا بسب الدين صراحة، لكنهم طعنوا في حملته ونقلته فقالوا : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا، ولا أكذب ألسنا، ولا أجبن عند اللقاء، فكيف بمن تجرأ وسب الرب والدين رأسا.
قال ابن تيمية رحمه الله في كتابه الصارم المسلول 3 / 1017: فصل فيمن سب الله تعالى.. فإن كان مسلما وجب قتله بالإجماع لأنه بذلك كافر مرتد وأسوأ من الكافر، فإن الكافر يعظم الرب، ويعتقد أن ما هو عليه من الدين الباطل ليس باستهزاء بالله ولا سبة له، إلى أن قال: فإن الناس مجمعون على أن من سب الله تعالى من المسلمين يقتل، وإنما اختلفوا في توبته.
وقال ابن قدامة في المغني 12/ 298: ومن سب الله تعالى كفر سواء كان مازحا أ وجادا وكذلك من استهزأ بالله تعالى أو بآياته أو برسله أو كتبه، قال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ {التوبة:65-66}.
وروى ابن القاسم عن الإمام مالك أنه قال: من سب الله تعالى من المسلمين قتل ولم يستتب.
والذي عليه الشافعية والحنفية أن سب الله ردة فإذا تاب الساب قبلت توبته، فهذا ما عليه أهل العلم.
ولا نعلم أحدا قال بأن الذي يسب الله تعالى معذور بجهله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن سب الله ليس له داع عقلي في الغالب، وأكثر ما هو سب في نفس الأمر إنما يصدر عن اعتقاد وتدين يراد به التعظيم لا السب. انتهى.
واعلم أنه لا يستطيع أحد من الخلق أن يمنعك مما تفعل، فعليك أن تتوجه إلى الله بصدق وإخلاص في أن يعصمك من هذا الكفر الصراح، وأن تعلم أن الذي يدفعك إلى هذا الفعل هو الشيطان وأعوانه واتباع الهوى والنفس، وتذكر قول الله تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر: 6} وقوله تعالى: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى {النازعات: 40-41}
وقوله تعالى: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي {يوسف: 53} فجاهد نفسك تصلح، وإلا استمرت على ما هي عليه، وصدق من قال:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم .
فجدد إيمانك وألزم نفسك تقوى الله ومراقبته.
والله أعلم.