عنوان الفتوى : الأنس بالله يغني عن صحبة المخلوقين
يا سيدي الفاضل أنا فتاة أعيش في إحدى دول أوربا الحمد لله متدينة ومحجبة الحمد لله راضية بما قسمه لي ربي من الحياة، غير أني لست متزوجة وهذه قسمة ربي لا أستطيع الاعتراض على أمر ربي، الله رب العالمين اختار لي هذه الحياة، ولكن للأسف الناس لا يفهمون هذه قسمة ربي حتى معاملتهم لي غير معاملة المتزوجين وهنا في الدول الأوروبيه صعب حتى تلتقي بصديقات متدينات وخصوصأ نحن كأكراد لا يوجد صديقات متدينات، الأكراد بشكل عام ليسوا متدينين وهذا يؤلمني كثيرأ حيث إنني أرى منكرات لا أستطيع السكوت عليها وأقوم بنصح هذه الإنسانة، ولكن هذا يبعدها عني ويقيسون الإنسانه بملابسها العارية وبمركزها الاجتماعي، مشكلتي أن عملي معهم وأراهم بين فترة وفترة حتى كانت بينهم واحدة تحترم ديني وهي أيضا خدعتها الدنيا ولهتها صارت واحدة منهم اختارت الحياة الدنيا، ماذا علي أن أفعل، هل بقائي بدون زواج يبعدني عن الناس، وهل إيماني بالله وتديني يبعدني عن الناس، وهل لا بد أن أتصرف كما هم يتصرفون لكي أستطيع العيش بين الناس، بماذا تنصحونني؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله الذي منّ عليك بنعمة الهداية والاستقامة، فإن المتمسكين بالدين في هذا الزمان قلة، وهم الصفوة من الخلق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: بدأ الإسلام غريباً ثم يعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء، قيل: يا رسول الله، ومن الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس. رواه أحمد، وانظري الفتوى رقم: 58011.
والذي ننصحك به هو أن تستمري على استقامتك واعتزازك بدينك واستعلائك بإيمانك، كما ننصحك بالإعراض عن الجاهلين، وعدم مخالطة الفتيات الفاسقات المعرضات عن دين الله إلا بقدر الحاجة، وانظري الفتوى رقم: 50106.
كما ننصحك بأن تزيدي في القرب من الله تعالى، وأن تقرئي القرآن بتدبر وحضور قلب، فإن من قويت صلته بالله خالقه لم يشك من ضعف صلته بالمخلوقين، وإن من أنس بالله استغنى به عما سواه، بل واستوحش من صحبة الناس، وإن من ذاق لذة مناجاة الله بالأسحار قويت روحه، وعزت نفسه، ولم يفتقر إلى الناس، وقد قال يعقوب عليه السلام لابنه: قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {يوسف:86}.
واعلمي أن من أعظم ما يتقرب به إلى الله تعالى ويفرغ القلب من الهموم والأحزان طلب العلم النافع، وانظري برامج للمبتدئين في طلب العلم في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 56544، 59868، 59729.
هذا وإن بإمكانك أن تخبري بعض الثقات من أخواتك المؤمنات أو قريباتك المشفقات عن رغبتك في الزواج وتكوين أسرة، فيبحثن لك عن زوج صالح ذي دين وخلق، فيكلمنه عنك ويرغبنه فيك، وليس في ذلك منقصة لك، بل تلك منقبة، فإن طلب العفاف بالزواج الشرعي دليل الاستقامة والفطرة السوية، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9990، 18430، 46786.
واسألي الله تعالى بذل وإلحاح أن يرزقك الاستقامة على دينه، وأن يلهمك رشدك وأن يكفيك شر الشيطان وشر نفسك، وأن يمن عليك بكرمه بالزوج الصالح الذي تقرّ به عينك ويأنس به فؤادك، وتحري في دعائك أوقات الإجابة الفاضلة كثلث الليل الآخر وقت النزول الإلهي، وأثناء السجود، وعند الفطر في اليوم الذي تصومين فيه، وآخر ساعة بعد العصر يوم الجمعة، وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 12767.
والله أعلم.