عنوان الفتوى : وجوب غسل الرجلين محل إجماع المسلمين
قال الله تعالى فى سورة المائدة الآية رقم 5 والخاصة بفرائض الوضوء: "يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين".. صدق الله العظيم، ولوضوح هذه الآية فإنني تتبعت سنة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن، ولكني كنت أمسح بالماء على رأسي وقدمي تطبيقا للآية الكريمة التي تنص على مسح القدمين وخوفا من أن يكون سنة النبي في غسل القدمين، وليس المسح عليها قد استزادت عند نقلها وذلك بسبب الوضوح الشديد في الآية الكريمة، وكنت أواجه نقدا بسبب قيامي بذلك، ولكني كنت أرجع دائما لنص الآية الكريمة في مواجهة هذ النقد ولم يفسر لي أحد التفسير الصحيح لاختلاف نص الآية بمسح الأرجل وسنة النبي بغسلها.. و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تقدمت الإجابة عن معنى هذه الآية الكريمة في الفتوى رقم: 58635 وما أحيل عليه من الفتاوى فيها، وفي ذلك إجابة عن استفسار الأخ السائل، وإذا طالعت هذه الفتوى وتفهمتها فاعلم أن العلماء ذكروا أن الغسل مجمع عليه بين المسلمين ولم يخالف في ذلك من يعتد به، ولو كانت الآية صريحة في المسح لما اتفق المسلمون أو أكثرهم على أن الواجب هو غسل الرجلين وليس المسح.
قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع: فقد أجمع المسلمون على وجوب غسل الرجلين ولم يخالف في ذلك من يعتد به كما ذكره الشيخ أبو حامد وغيره، وقالت الشيعة: الواجب مسحهما، وحكى أصحابنا عن محمد بن جرير أنه مخير بين غسلهما ومسحهما، وحكاه الخطابي عن الجبائي المعتزلي، وأوجب أهل الظاهر الغسل والمسح جميعاً، واحتج القائلون بالمسح بقوله تعالى: وامسحوا برؤوسكم وأرجلِكم. بالجر على إحد القراءتين في السبع فعطف الممسوح على الممسوح... قال: واحتج أصحابنا بالأحاديث الصحيحة المستفيضة في صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم أنه غسل رجليه، منها حديث عثمان وحديث علي وحديث ابن عباس وأبي هريرة وعبد الله بن زيد والربيع بنت معوذ وعمرو بن عبسة وغيرها من الأحاديث المشهورة في الصحيحين وغيرهما... قال: ومنها ما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جماعة توضئوا وبقيت أعقابهم تلوح لم يمسها الماء، فقال: ويل للأعقاب من النار. رواه البخاري ومسلم. انتهى. ثم ذكر النووي أحاديث كثيرة تدل على الغسل.
هذا.. وننبه الأخ السائل إلى أنه ليس لكل أحد أن يجتهد في القرآن ويتصدى لأخذ الأحكام منه وكذلك السنة ما لم يكن عنده من العلم ما يؤهله لذلك، فلعله يفهم ما ليس هو المراد، أو يكون مراداً لكن يعارضه دليل آخر أقوى منه، فمواضع الحجة من الكتاب والسنة لا يهتدي لها إلا العلماء المحققون.
والخلاصة أن القول بغسل الرجلين هو الذي اعتمده كافة فقهاء الأمصار من بينهم أئمة المذاهب الأربعة مستندين في ذلك على صريح الآية على قراءة( وأرجلَكم) بفتح اللام لأن أرجلكم هنا عطف على وأيديكم إلى المرافق. وعلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم الصريحة الصحيحة قولا وعملا، وفي هذا كفاية لمن أراد الحق واقتنع به، فعلى الأخ الكريم أن يتوب إلى الله من تجاسره على الاجتهاد في القرآن ويعيد صلواته التي لم يغسل رجليه عند وضوئه لها وفاقاً لقول الجمهور بوجوب غسل الرجلين وخروجاً من الخلاف واحتياطاً لدينه.
والله أعلم.