عنوان الفتوى : تحلل المرء من العباد الذين اغتابهم
أنا شاب عمري 16 عاما وقد اغتبت الكثير من الناس وأنا الآن لا أتذكرهم كلهم والحمد لله أنني تبت من الغيبة ونفذت ثلاثا من شروط التوبة أما الرابع وهو رد المظالم وأن أستسمح المُغتاب فقد فعلته مع بعض الذين أذكر أني قد اغتبتهم وأما الذين قد نسيت أني ذكرتهم فلا أستطيع أن أعرفهم وأستسمحهم لأني قد نسيتهم 1-فما جزائي أو ما الإثم الذي سوف أكسبه إذا لم أستسمح الذين اغتبتهم وهل يجوز لي أن لا أستسمحهم ولا أستغفر لهم ولا أن أذكرهم بخير ولكني سوف أفعل الكثير من الخير وأقول العديد العديد من الأذكار حتى أكثر من حسناتي. 2-وما العمل مع الذين نسيتهم . أفيدوني وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا من مظاهر شؤم المعاصي التي تتعلق بحقوق العباد فيخطئ العبد في حق أخيه ولا يتمكن من التحلل منه ولا من قضائه حقه، فإن التحلل من المظلوم الذي اغتبته واجب شرعي فقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على التحلل من المظلوم في الدنيا، فقال: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. أخرجه البخاري
ثم إن تحلل المغتاب وإعلامه بما حصل إن علم بغيبتك له متعين، وأما إن لم يعلم فالأولى أن تتحلله تحللا عاما ولا تذكر له اغتيابك إياه لئلا تغضبه كما قاله بعض أهل العلم، وعليك بالإكثار من الحسنات لتكاثر بها السيئات وتسدد ببعضها ما عليك من الحق، وينبغي أن تكثر من الدعاء للمسلمين الذين اغتبتهم والثناء عليهم بما علمته فيهم من الخير.
وأما الاستغفار لمن اغتبته فقد وردت فيه بعض الأحاديث ولكنها لا تسلم من المقال كما قال السخاوي في المقاصد الحسنة وتابعه العجلوني في كشف الخفاء، قال العجلوني:
(كفارة من اغتبته أن تستغفر له). رواه الخرائطي في المساوي، والبيهقي في الشعب، والدينوري في المجالسة، وابن أبي الدنيا وغيرهم عن أنس مرفوعا، ولفظ بعضهم كفارة الاغتياب أن تستغفر لمن اغتبته وفي سنده عنبسة بن عبد الرحمن ضعيف جدا كما في المقاصد. ورواه الخرائطي من وجه آخر عن أنس مرفوعا بلفظ إن من كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته تقول: اللهم اغفر لنا وله، وهو ضعيف أيضا لكن له شواهد، فعند أبي نعيم وابن عدي في الكامل عن سهل بن سعد مرفوعا بلفظ: من اغتاب أخاه فاستغفر له فهو كفارة له. وفي سنده سليمان بن عمرو النخعي اتهم بالوضع، وعند الدارقطني بسند فيه حفص الأيلي ضعيف عن جابر رفعه: من اغتاب رجلا ثم استغفر له من بعد ذلك غفرت له غيبته. ورواه البيهقي عن أبي هريرة بلفظ: الغيبة تخرق الصوم والاستغفار يرقعه، فمن استطاع منكم أن يجيء غدا بصومه مرقعا فليفعل. قال عقبة موقوفا وسنده ضعيف.
وقد نسب الغزالي في الإحياء إلى الحسن القول بكفاية الاستغفار عن التحلل من المغتاب، ونسب لمجاهد أنه يكفي الثناء عليه إلى أن قال في الأخير: لا بد من الاستحلال إن قدر عليه، فإن كان غائبا أو ميتا فينبغي أن يكثر له من الاستغفار والدعاء ويكثر من الحسنات.
ونقل العجلوني عن ابن المبارك كفاية الاستغفار من التحلل.
والله أعلم.