عنوان الفتوى : حكم العمل في الدعاية والإعلان إذا اشتمل على محرم
المرجو من فضيلتكم التمعن والتدقيق في مشكلتي لأنني في مصيبة، أنا شاب يعمل في شركة تنتج دهونا غذائية (مرغرين), أهتم بتقنيات التسويق أو الـ MARKETING، أي كل ما يساعد على زيادة المبيعات، ومن ضمن ما يطلب مني اقتراح مشاريع منتوجات جديدة تواكب متطلبات المستهلكين, وكذا العمل على تقديم وتحسين المنتوجات لتكون أفضل من المنتوجات المنافسة, بالإضافة على ترقب كل ما يحدث من جديد من طرف المنافسين لكي تتمكن الشركة من رد الفعل في إطار المنافسة، لكن ما يشغل بالي هو ما يطلب مني من:1- إنجاز إعلانات تلفزة غالبا لا تخلو من صور لنساء متبرجات (تمثلن مثلا دور الأم التي تعد الطعام لأولادها مستعملة منتوجات الشركة), وتكميل هذه الدعايات عبر لافتات ضخمة في الشوارع وكذا عبر صفحات المجلات النسائية. 2- تنظيم مسابقات للمستهلكين يفوز بعضهم من خلالها على جوائز قيمة إثر إرسالها عبر البريد تشجيعا لشرائهم لمنتوجات الشركة (مثل قطع من التعليب) ثم سحب اسمهم في قرعة. 3- القيام بعمليات في المحلات الكبرى تقوم فيها شابات متبرجات بتذويق منتوجات الشركة لزائري هذه المحلات لحثهم على الشراء. (فكما ترون فإن وظيفتي لا تخلو من بعض المخالفات الشرعية, لذا فقد عزمت على تركها مقابل أول فرصة شغل جيدة تتاح إلي!! لكني في حيرة بخصوص مال وفرته من هذا الشغل أيكون حلالا هو أم حراما, فهو مبلغ سيمكنني من شراء بيت بدون اللجوء إلى قرض ربوي، علما بأني لم أتزوج بعد, أو ربما استثمرته في مشروع شخصي خال من أي شبهة, لكن مجرد فكرة أن يكون بعض مالي حرام تأخدني في كابوس لا نهاية له!!! فماذا ترون, أعينوني جزاكم الله خيراً، ملاحظة: لقد حججت العام الماضي من مالي المكتسب من عملي, ولربما كانت حجتي سبب حرصي الحالي على اكتساب حلال طيب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أن العمل في ترويج السلع جائز، سواء كان بصورة الإجارة أو الجعالة، ويتحدد نوع العقد بحسب طبيعته التي تميزه عن غيره، لكن يشترط لجواز هذا العمل أن يكون ما يُروج له من السلع مباحاً، مع خلو طريقته في الترويج من الغش والتدليس، أو استخدام طرق لا يباح فعلها شرعاً، كاستخدام النساء المتبرجات ونحو ذلك.
وبناء على ذلك فإنه لا يجوز لك الاستمرار في هذا العمل لما ذكرت من أن إعلانكم عن السلع يكون فيه نساء متبرجات وأنك تباشر تنظيم ذلك بنفسك، وذلك لقول الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، وراجع الفتوى رقم: 62932.
أما عن المال الذي اكتسبته من هذا العمل في الماضي فالواجب عليك أن تتخلص من جزء منه يعادل نسبة العمل المحرم الذي كنت تقوم به، وما بقي فهو لك حلال لأنه مقابل عمل مباح، والحرام لا يحرم الحلال، وقد ذكرنا ذلك تفصيلاً في الفتوى رقم: 59165.
وننبه السائل إلى أنه لا يجوز له البقاء في هذا العمل إلا إذا تمكن من تجنب الوقوع في المخالفات المذكورة، فإن لم يتمكن من تجنبها وكان مضطراً إلى هذا العمل لسد حاجاته وحاجة من يعول، فلا مانع من البقاء فيه بشرط التخلص من بعض الراتب بقدر العمل المحرم الذي لا يمكن التحرز منه أو تجنب الوقوع فيه، وذلك لقول الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}، وقوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة:173}، أما عن الحج بمال حرام كله أو بعضه فقد بينا حكمه في الفتوى رقم: 7341.
والله أعلم.