عنوان الفتوى : من مسائل المناسخات
توفي رجل وترك ولدين وبنتا وزوجة وأما وبعده توفيت أمه وتركت ولدا وبنتين كلهم كبار، فكيف تقسم تركتهما؟ جزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه المسألة هي إحدى مسائل المناسخات كما يسميها الفرضيون (علماء الميراث)، وذلك لأن فيها موت أحد الورثة قبل قسمة التركة، وهي تصنف في الحالة الثانية من أحوال المناسخات.
وإذا كان الورثة هم من ذكروا في السؤال فإن تركة الميت الأول تقسم هكذا: للزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث، كما قال الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم {النساء:12}، وللأم (الميتة) السدس لوجود الفرع الوارث أيضاً، كما قال الله تعالى: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء:11}.
والباقي يأخذه الولدان والبنت تعصيباً يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11}.
وأما تركة الميت الثاني وهي (الأم) فتقسم بين أبنائها الثلاثة الولد والبنتان للذكر مثل حظ الأنثيين، وذلك بعد ضم السدس الذي ورثته عن الميت الأول إلى تركتها، ولا يرثها أحد من ورثة الميت الأول لوجود أبناء الصلب فيحجبون أبناء الابن، كما لا يرثها ابنها الذي مات قبلها لأن من شروط الإرث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث، ولكنها هي ترثه كما ذكرنا لتحقق الشرط.
ومن المعلوم أن للمناسخات طريق خاصة في العمل ولكنا عدلنا عن بيانها هنا لئلا يشكل ذلك على السائل وما ذكرناه أوضح وأبين، ولم يذكر في السؤال مقدارما تركة كل ميت حتى تمكن قسمته.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.