عنوان الفتوى : يرجى للتائب من الزنا الأمن من عقاب الله
لي صديق مصل ويعبد الله ويخافه ولكنه وقع في جريمة الزنا وهو خائف من انتقام الله وخائف من السيدا، فهل يمكن أن ينتقم منه الله بهذه الطريقة، علما بأنه مؤمن ويعبد الله، وهل صحيح أن الله يبتلي بهذا المرض الخبيث أعداء الله ومن لم ير فيه الخير؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الزنا من أكبر الكبائر وأقبح الذنوب وأعظم الفواحش، وقد حذر الله تعالى منه في كتابه فقال: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32}، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: يقول الله تعالى ناهياً عباده عن الزنا وعن مقاربته ومخالطة أسبابه ودواعيه: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً.
ولاشك أن مرض (السيدا) عقوبة من الله تعالى لفاعلي هذه الفواحش، سواء كانوا كفاراً أو مسلمين. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 59536.
ومع كل ذلك، فإن من سعة رحمة الله تعالى بعباده أنه يقبل توبة التائب منهم، فقد قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها. رواه مسلم من حديث أبي موسى.
فعلى صديقك أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، ويستغفره ويندم على تفريطه عسى الله أن يتوب عليه ويبدل سيئاته حسنات، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:67-68-69-70}، ولمعرفة شروط قبول التوبة راجع الفتوى رقم: 5450.
فإذا تاب صاحبك توبة نصوحاً، فإن الله تعالى يتجاوز عنه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه ابن حجر والألباني.
ثم إننا ننبه صديقك إلى أن يستر على نفسه، وأن لا يحدث بمعصيته أحداً، لقوله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله تعالى. رواه الحاكم والبيهقي وبنحوه مالك في الموطأ، وصححه الحاكم وابن السكن والألباني.
وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60222، 1106، 1095.
والله أعلم.