عنوان الفتوى : حكم العمل في شركة غربية ذات أنشطة مدنية وحربية
أنا مهندس أشتغل بشركة كبرى لصناعة السيّارات بألمانيا ومهمّتي تتعلق فقط بتصميم السيّارات. هذه الشركة تمتلك 33% من شركة أخرى تصنع طائرات حربية وصواريخ... 1)هل يجوز لي مواصلة العمل بها وكيف أفعل إذا كان غير جائز؟ مع العلم أني أسعى للخروج من هذا البلد في أقرب فرصة. 2)هل يجوز لإخوة آخرين البحث عن عمل عند الشركة التي أشتغل بها؟ الرجاء أجيبوني مع ذكر الأدلة إن أمكن و توسعوا في الجواب من فضلكم حتى تكثر الفائدة. وجزاكم الله خيرا !
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالجمهور على جواز عمل المسلم عند الكافر أجيرا، بشرط أن لا يعمل في شيء محرم، كعصر الخمر ورعي الخنزير والتجسس على المسلمين، واشترط بعضهم أن يكون عمله في غير الخدمة الشخصية للكفار كتقديم الطعام والشراب والوقوف بين يديه، لما في ذلك من إذلال المسلم.
فإذا خلت الإجارة من هذه المحاذير فهي جائزة، والمال الذي يأتي عن طريقها حلال، ودليل ذلك ما رواه الترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في حديث طويل: ... فمررت بيهودي في مال له وهو يسقي ببكرة له، فاطلعت عليه من ثلمة الحائط فقال: ما لك يا أعرابي؟ هل لك في كل دلو بتمرة؟ قلت: نعم، فافتح الباب حتى أدخل، ففتح فدخلت فأعطاني دلوه، فكلما نزعت دلوا أعطاني تمرة، حتى إذا امتلأت كفي أرسلت دلوه وقلت: حسبي، فأكلتها، ثم جرعت من الماء فشربت، ثم جئت المسجد فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه. قال الترمذي: حديث غريب، وفي رواية ابن ماجه قال: فجاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد استدل به معظم الفقهاء كابن قدامة وابن القيم وابن تيمية وغيرهم.
وعليه، فإذا كان عملك مع هؤلاء في غير محرم فلا حرج عليك فيه ولا فيما استفدته منه.
أما إذا اشتملت الإجارة على أحد المحاذير السابقة فقد قال الفقهاء: لا يجوز للمسلم العمل فيها ابتداءا، فإن عمل أخذ أجرته من الكافر وتصدق بها، ولا يجوز أن يستحلها لنفسه.
والعمل في مجال تصميم السيارات مباح في الأصل، ولا علاقة له بنشاطات الشركة الأخرى، وبناء على ذلك، لا مانع من الاستمرار في العمل، ولا مانع من التحاق الآخرين من إخوانك به.
والله أعلم.