عنوان الفتوى : التصريح باسم العورة للحاجة.. رؤية شرعية
عندي سؤالان يحيراني وأرجو الإفادة. 1- كنت أظن أن الكلام الفاحش حرام وأعيب على أصدقائي قوله حتى أنني هجرتهم لأجل ذلك, إلى أن جاءني أحدهم بهذه الأحاديث وقال إنها صحيحة وهي كذلك، وأرجو المعذرة على هذه الصراحة: - قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الرجل يتعزى بعزاء الجاهلية، فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا - لما أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم قال له : (لعلك قبلت، أو غمزت، أو نظرت). قال : لا يا رسول الله، قال : (أنكتها). لا يكني، قال : فعند ذلك أمر برجمه. - قول أبي بكر لأحدهم : امصص ببظر اللات. - قول حمزة لأحدهم يا ابن أم أنمار مقطعة البظور. واحتج أصدقائي بأن الصحابة كانوا يقولون ذلك فصدمت ولم أجد جوابا فهل معهم حق؟ 2- أنا لا أريد أن أكشف عورتي حتى لزوجتي أو للطبيب وأفضل الموت على ذلك. أرفض أن أكشف عورة زوجتي لأني أعتقد أن تعري الزوجين قلة حياء ولا يليق بإنسان محترم. أيضا من الأسباب التي تمنعني من الزواج هو أنني لا أريد لأحد أن يطلع على عورة زوجتي عند الولادة حتى الطبيب. ثم لا أفهم لماذا حرم الله سبحانه كشف العورات ثم في نفس الوقت يجب كشف عورة المرأة عند الولادة أليس في ذلك إذلال لها؟ المعذرة على أسئلتي ولكني في حيرة من أمري.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلاشك أن الحياء من أفضل الأخلاق التي ينبغي للمسلم أن يتحلى بها فهو جزء من إيمان المسلم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحياء.
وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله حيي يحب الحياء، وستير يحب الستر، فإذا اغتسل أحدكم فليتوار... رواه عبد الرزاق في مصنفه.
ولا ينبغي أن يصل الحياء بالمسلم إلى حد الخجل والتعقيد الذي يمنع الشخص من ممارسة حياته الطبيعية، فكل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده.
فهذا ليس هو الحياء المطلوب شرعاً. فالمسلم مطالب بأن يمارس حياته بصورة طبيعية متحلياً بأخلاق الإسلام الفاضلة ليس بلعان ولا طعان ولا فاحش ولا بذيء...
وإذا عرض له موقف يستدعي التصريح وترك الحياء صرح بما يريد إيثاراً للمصلحة ودفعاً للمفسدة، والأحاديث التي أشرت إليها أحاديث صحيحة جاءت في هذا السياق واستدعتها الظروف والمواقف، والصراحة في ذلك الوقت هي عين الحكمة والمصلحة، وقد قيل: لكل مقام مقال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة: قال أهل العلم: يجوز التصريح باسم العورة للحاجة والمصلحة... كما في حديث أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا.. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط والألباني.
ومثل ذلك قول أبي بكر رضي الله عنه لعروة بن مسعود يوم الحديبية: امصص بظر اللات. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم لماعز بن مالك، وقول حمزة رضي الله عنه لسباع: بابن مقطعة البظور، فكان ذلك يقتضيه المقام وتستدعيه المصلحة.
وعلى كل، فلا ينبغي أن يكون الحياء مانعاً للمسلم من ممارسة حياته الطبيعية فكشف العورة إن كان حراماً شرعاً ومذموماً طبعاً لكنه يباح عند الضرورة والحاجة.
فقد قال صلى الله عليه وسلم: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. رواه أصحاب السنن، وكذلك من الطبيب والقابلة عند الولادة لأن ذلك في حكم الضرورة.
والله أعلم.