عنوان الفتوى : توجيهات لتوقي الوقوع في حمأة الرذيلة
هو ليس سؤال بقدر ما هو شرح لوضعي ومن البداية فإني أتأسف لصراحتي ولكن خوفي من الله وحده يمنعني من الزنا، أنا أبلغ من العمر 32 سنة أعيش في الإمارات وقد تلاطمت بي أمواج الدنيا ومشاكلها فلم أكن قادراً على الزواج لضيق الحاجة وغلاء المعيشة لقد قدمت إلى هذا البلد من مدة ليست بطويلة واعتقد أني بحاجة لبعض الوقت لتكوين نفسي فهي غالية جداً، ولكن لم أعد قادراً على الصبر المغريات كثيرة من حولي حتى عند الصيام وهدوء النفس ما زالت نفسي تشتهي الزنا وأنا لا أريد ارتكابه وغير قادر على الزواج ولم أعد أطيق والصبر خذلني فلقد أصبحت الفكرة هاجسا يستحوذ علي في حياتي ومنامي وعملي وحتى في صلاتي وأصبح تفكيري متطرفا فأحياناً أفكر في سهولة طريق للزنا وأحاول أن أجد لنفسي الأعذار لا أستطيع التركيز في حياتي وعملي، فالموضوع ليس سهلاً علي خاصة، وأحاول أن أجد طرقاً مغرية لإيقاع الفتيات ثم أستغفر الله.ز وأقول في نفسي أحياناً أخرى يوجد في هذا البلد من غير المسلمات فلعله أخف وطأة أن أباشر بهن فهن لسن بمسلمات كعذر لي وأنا أعرف بأنه حرام ولكني منذ فترة ليست ببعيدة بدأت أفكر جدياً بهذه الأمور وما يخيفني أكثر من الزنا التفكير السيء الذي أعاني منه وما يرافقه من كذب وخداع وطرق للمدارة والنفاق قد أعاني منها إذا ما ارتكبت هذه المعصية (فإن بليتم فاستتروا) وأنا متأكد أن هذا الوضع بدأ يؤثر في نفسي وأنا أشعر بأنني إن بقيت في هذا الوضع سأعاني من مرض نفسي حاد لأني بدأت أشعر في بوادره، فالصبر والصيام يلازماني لأكثر من 15 عاماً وأكثر وأظن أني لم أعد قادراً على الصبر وأنا لا أريد أن أخدع بنات الناس والمؤمنات بقدر ما أنا بحاجة إلى رفيقة (أرجوكم اهدوني وساعدوني لعلي أجد حلاً لحالتي) مرة أخرى أتأسف لصراحتي ولكن لا خيار لي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يجعل لك فرجا ومخرجا مما تعاني منه، وأن يسهل لك طريق الزواج وإحصان الفرج بما أحل، وأن يجنبك ما حرم.
أخانا في الله لقد وقفنا من خلال رسالتك التي هي عبارة عن شرح لوضع تعيشه ويعيشه للأسف كثير من شبابنا في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن، وصار فيه القابض على دينه كالقابض على الجمر، وقفنا على حجم المعاناة التي تمر بها وتنغص عليك حياتك، وتشغل فكرك في جل أوقاتك، وهذا بلا شك له أثر كبير في عدم إتقانك لعملك الديني منه والدنيوي، إنها الشهوة وسعارها أعاذنا الله وإياك من شرها، قال صاحب الظلال: فكيف بهذا المجتمع الذي نعيش اليوم فيه، في عصرنا المريض الدنس الهابط، الذي تهيج فيه الفتن، وتثور فيه الشهوات، وترف فيه الأطماع، كيف بنا في هذا الجو الذي كل شيء فيه يثير الفتنة، ويهيج الشهوة، وينبه الغريزة، ويوقط السعار الجنسي المحموم، كيف بنا في هذا المجتمع، في هذا العصر. انتهى.
فاسمع أخي لهذه التوجيهات واعمل بها لعل الله ينفعك بها ويخلصك من هذا الداء:
1- اعلم أخي أن هذه الدار دار ابتلاء وامتحان، قال الله تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ {الملك:1-2}، فهذه الحياة هي دار ابتلاء، حيث يبتلي الله عباده ليعلم المجاهدين منهم والصابرين، كما قال سبحانه في الآية الأخرى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ {آل عمران:142}، وأعظم الجهاد جهاد النفس، وأعظم الصبر الصبر عن الشهوات وعن ما حرم الله. فنوصيك بالصبر، فإن النصر مع الصبر، والصبر مفتاح الفرج، وسيجعل الله بعد عسر يسرا.
2- توكل أخي على الله وحصن فرجك بالزواج من امرأة ذات دين تقنع بما رزقك الله وترضى بحالتك وظروفك المادية، ولا تقف الظروف المادية حائلاً دون إحصان فرجك، فقد وعد الله من أحصن فرجه بالغنى، قال الله تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32}، وعن ابن مسعود أنه قال: التمسوا الغنى في النكاح، يقول الله: إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ. انتهى.
3- استعن بالصيام فإنه لك وجاء أي: وقاية، فالسبيل لإحصان الفرج عن السوء إنما يكون بالزواج، فإن لم تكن ثم استطاعة فيكون السبيل هو كثرة الصيام حتى تفتر الشهوة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه من حديث ابن مسعود.
4- تجنب أماكن الفتن والإغراء، واشغل نفسك بعمل ديني أو دنيوي نافع، ولا تدع للفراغ مجالاً في حياتك.
5- ادع الله وتضرع له والجأ إليه أن يجعل لك فرجا ومخرجا، وعليك بتقوى الله فإنه من يتق الله يجعل له مخرجا.
حفظك الله من كل سوء ويسر لك سبيل الحلال وجنبك سبيل الحرام إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.