عنوان الفتوى : التشبه بالصحابة في الخوف على النفس من النفاق والمعاصي أمر محمود
يشكو الصحابة رضوان الله عليهم من ذنوبهم عند الموت ويطلبون من الله المغفرة وهم أشد الناس تعظيما لأوامر الله والبعد عن معاصيه فما هي ذنوبهم التي يخافون عقباها على الرغم من أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر بعضهم بالجنة وبعضهم بالصلاح وبعضهم بالنجاة من النار فمن أي شيء يخافون بعد هذا وهل يمكن أن أكون مثلهم إذا التزمت بأوامر الله وجزاكم الله خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا على درجة عالية من المعرفة بالله تعالى والخوف منه والرجاء له والتقوى والورع والحس المرهف.
فكانوا رضوان الله عليهم يخافون من الوقوع في النفاق ويخافون من الوقوع في المعاصي والأعمال التي تحبط العمل.
فهذا ثابت بن قيس الأنصاري – رضي الله عنه- عندما نزل قول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول..الآية
جلس في بيته حزيناً منكس الرأس، وكان رضي الله عنه رفيع الصوت فصيح اللسان فخاف أن تكون الآية نزلت فيه فيحبط عمله، فلما فقده النبي صلى الله عليه وسلم سأل عنه أو أرسل إليه فأخبر بخبره فقال صلى الله عليه وسلم " بل هو من أهل الجنة" والقصة في الصحيحين وهذا لفظ مسلم.
وهكذا كان غيره من الصحابة فكانوا كلهم يخافون من أن تحبط أعمالهم أويتخلقوا ببعض صفات المنافقين، فكان الرجل منهم يؤتى به إلى صلاة الجماعة يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف خشية أن تكون فيه صفة من صفات المنافقين وهي التخلف عن صلاة الجماعة.
وقال ابن أبي مليكة التابعي الجليل: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل ، وقال الحسن عن النفاق: ما خافه إلا مؤمن وما أمنه إلا منافق.
فكل ما كان العبد أعرف بالله تعالى وبدينه كان أخوف منه وأتقى له، وأخوف الناس من الله تعالى وأتقاهم له هم الأنبياء، وعلى رأسهم نبينا صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم وعلى رأسهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وعلى المسلم أن يقتدي بهم ويتشبه بأخلاقهم ويسدد ويقارب، فالله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً والمرء مع من أحب كما صح بذلك الحديث المتفق عليه.
والله أعلم.