عنوان الفتوى : علاج الحسد.
بسم الله الرحمن الرحيم انا شاب مؤمن وملتزم بجميع الفروض ولكنني أعاني من مشكلة ألا وهي الحسد فمع أنني أحب الخير للناس جميعا لكنني أتألم عندما أعلم أن شخصا ما أفضل مني في المال والشكل والمنصب إني والله أعلم أتألم من هذه المشكلة وأريد أن أجد لها حلا أرشدوني.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن الغرائز التي جبل عليها معظم الناس الرغبة في التفوق على الآخرين في المال والجمال والمنصب.
وينقسم الناس في التعامل مع هذه الرغبة إلى قسمين: قسم يرضى بما قسمه الله تعالى، ويسعى لتحقيق تلك الرغبة بالطرق المشروعة، ولا يحسد الآخرين على ما قسمه الله تعالى لهم،أي لا يتمنى زوال ما عندهم، وهذه غبطة وليست الحسد المذموم وهذا حال المؤمن فإنه يغبط ولا يحسد.
وقسم ثان لا يرضى بقسمة الله تعالى، ولا يعرف طريقاً لتحقيق تلك الرغبة إلا بحسد الآخرين على ما أعطاهم الله، والتسخط على قسمته لهم، فيحترق قلبه كمداً وتتراكم عليه الآثام والأوزار ولن يجلب لنفسه إلا ما كتب الله له في سابق االأزل. وهذا حال إبليس وأوليائه. وبهذا تعلم أن حب المرء لعلو المنزلة ووفرة الحظ في حدود ما أحل الله ليس مذموماً في حد ذاته، لأنه من أصل تكوين الإنسان الخلقي، وإنما المذموم شرعاً وعقلاً عدم الرضا بقسمة الله تعالى، والاعتراض عليها، ومحاولة تحقيق تلك الرغبة بالطرق التي حرمها الله تعالى. ومما يعين المرء على الاتصاف بحال المؤمنين الراضين استشعار الأمور التالية:
1- أن كل شيء هو بقضاء الله تعالى وقدره، وأنه لا معقب لحكمه ولا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، فإن رزق الله لا يقدمه حرص حريص ولا تزيده كراهية كاره.
2- أن ينظر المرء إلى من هو دونه منزلة في أمور الدنيا، ولا ينظر إلى من هو أعلى منه، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم" كما في السنن والمسند.
3- أن يعلم المرء أن التفوق الذي تستحق المنافسة عليه والغبطة فيه هو ما كان في طاعة الله تعالى والتقرب إليه، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا حسد إلا في اثنتين رجل أعطاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها" والحديث في الصحيحين وغيرهما.
4- أن الحسد نار تأكل قلب الحاسد ولا تضر المحسود، فإنه دليل على ضعف النفس وقلة الحيلة، كما أنه مضيعة لوقت الحاسد، مضر بصحته، مفسد لتفكيره، وهو مما يحط من منزلة المرء بين الناس، وكما قيل: الحسود لا يسود.
5- ومما يعين على علاج آثار الحسد السيئة: الاشتغال بخاصة نفسك وتدبير شئون حياتك، ومحاولة البذل والإحسان إلى الناس، فإن الإحسان والحسد لا يجتمعان. وتذكر أن الغنى غنى النفس، وليس كثرة العرض من مال ونحوه.
والله أعلم.