عنوان الفتوى : الخوف على النفس من النفاق من هدي السلف ولكن بغير يأس أوقنوط
يا فضيلة الشيخ: من فترة أصبحت أعاني من عدم التركيز والنسيان وعدم التفريق بين ما هو صحيح وخاطئ لدرجة أنني أشعر وكأن هناك فراغا في رأسي لا أستطيع التفكير في أي شيء لا أعرف ما الذي يجب أن أفعله أو لا أفعله، تجدني يوما ذاكرتي قوية ، وأياما لا أستطيع تذكر في أي يوم نحن، ثانيا: عندما أقرأ القرآن وخاصة آيات الوعيد والآيات التي تتحدث عن المنافقين والكفار أشعر وكأن هذه الآيات عني أنا أرجو سرعة الرد وأنا في حيرة تامة، أدعو الله أن يغفر لي ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، وسدد الله خطاكم لما في الخير ويرضاه؟ وجزاكم الله عنا كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننصح السائلة الكريمة بتقوى الله تعالى والمحافظة على أوامره والابتعاد عن نواهيه، كما نوصيها بالمحافظة على الأذكار والأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة أذكار الصباح والمساء والخروج والدخول... ولا بأس أن تستعمل الرقية الشرعية إذا كانت تخشى من أن تكون مصابة بالعين أو السحر.. كما ننصحها بزيارة الأطباء المختصين وعرض ما تشكوه عليهم لاحتمال أن يكون مرضا عضويا أو نفسيا.
وأما عن السؤال الثاني: فإن شأن المسلم إذا قرأ كتاب الله تعالى أن يتدبره وإذا مر بآية رحمة سأل الله تعالى ورجاه.. وإذا مر بآية عذاب استعاذ بالله تعالى وخشي عقابه، وإذا مر بصفات المنافقين والكفار خشي من ذلك واستعاذ الله تعالى منه، وهكذا كان السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم، وكانوا يخافون على أنفسهم من النفاق... فقد نقل الحافظ في الفتح وغيره عن المعلى بن زياد قال: سمعت الحسن يحلف في هذا المسجد بالله الذي لا إله إلا هو ما مضى مؤمن قط ولا بقي إلا وهو يخاف من النفاق... وما أمنه إلا منافق وما خافه إلا مؤمن...
وقال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه...
وعلى هذا فتدبر آيات القرآن الكريم ومعرفة أوصاف الكفار والمنافقين والخوف منها... ظاهرة صحية، وصفة محمودة ينبغي للمسلم أن يحافظ عليها، ولكن خوف المسلم يجب أن لا يدعوه أو يوصله إلى حد اليأس والقنوط بل يجب أن يكون متوازناً مع الرجاء، فهما بالنسبة للمسلم كالجناحين للطائر لا يستغني بأحدهما عن الآخر، نسأل الله تعالى لنا ولك القبول والثبات والشفاء.
والله أعلم.