عنوان الفتوى : استعمالات الفاء والواو في اللغة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما الفرق في الإعراب بين الفاء والواو؟ وما تأثير التبديل بينهما علي المعنى؟مثل: في سورة يوسف: ولمّا جهزهم بجهازهم... سورة يوسف الآية(59)فلمّا جهزهم بجهازهم... سورة يوسف الآية(70) متى تأتي الفاء و متى تأتي الواو ؟ وأيضا: ماذا تفيد الفاء في قوله تعالى:(.. فلهم أجرهم عند ربهم ..) سورة البقرة الآية (247)يرجى الجواب بالتفصيل الممل لأن ذلك يساعدني في حفظ القرآن بمعنى أنني أريد أن أعرف أن الآية التالية تبدأ بالفاء أو الواو من سياق الكلام، كما أرجو إرشادي إلى الكتب التي تفيدني في هذه المشكلة و أرجو منكم الدعاء لي لكي أحفظ كتاب ربي و أطبق أحكامه ؟ وجزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذكر علماء اللغة عدة فروق بين معاني الفاء والواو، فالفاء المستعملة ترد في اللغة لعدة معان، وهي ثلاث أساسية تتشعب منها أقسام عدة، فالمعاني الأساسية منها: أن تكون عاطفة وتفيد الترتيب المعنوي والذكري والتعقيب والسببية، ويمثلون للترتيب بقول الله تعالى: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا {البقرة:36}، وللتعقيب بقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً {الحج:63}، وللسببية بقوله تعالى: فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ {القصص:15}.

ومن معانيها أن تكون رابطة للجواب نحو قوله تعالى: إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ {يوسف:77}، ومنها أن تكون زائدة نحو قوله تعالى: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ {البقرة:40}.

وأما الواو الحرفية فتأتي لعدة معان: منها:

العطف: وهي لمطلق الجمع بين الشيء ومصاحبه دون ترتيب نحو قوله تعالى: وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ... {الأحزاب:7}، ومنها الاستئناف والابتداء وهي المرفوع ما بعدها، نحو قوله تعالى: وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ {البقرة:282}، وقولهم: جاء زيد والشمس طالعة.

ومنها المعية وهي المنصوب ما بعدها نحو قولهم: سرت والطريق، ومنها الزيادة نحو قول الله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا {الزمر:73}, وألحق بعضهم واو الثمانية وهي التي تدخل على العدد: ثمانية دون غيره، ويمثلون لذلك بقول الله تعالى: سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ.. إلى قوله تعالى: وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ {الكهف:22}.

وما ذكرنا ليس مسلما به عند جميع النحاة أو محل إجماع منهم بل فيه اختلاف كثير يرجع إلى تفصيله في محله وخاصة كتاب مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام وحاشيته للدسوقي.

وبناء على هذه المعاني التي ذكرنا، فلعل الواو في الآية الأولى جاءت عاطفة أي وبعدما جهزهم بجهازهم وأصلح شأنهم... قال لهم كذا وكذ. 

وفي تفسير الكشاف عند تفسير الآية المذكورة: لا بد من مقدمة سبقت له معهم حتى اجتر القول في هذه المسألة... فذكر أن يوسف عليه السلام تحدث مع إخواته -الذين عرفهم ولم يعرفوه- وقال لهم لعلكم جئتم عيونا على بلادنا؟ قالوا: معاذ الله نحن إخوة بنو أب واحد، وسألهم كم كنتم؟ قالوا: كنا اثني عشر... إلى آخر ما ذكر، فدل ذلك على أنه لما جهزهم لم يطلب منهم الإتيان بأخيهم مباشرة وإنما كان ذلك بعد وقت وطول حديث معهم.

وأما الفاء في الآية الأخرى فلعلها للتعقيب، أي عندما جهزهم بجهازهم عقب على ذلك مباشرة بجعل السقاية في رحل أخيه، ومن أهم الكتب التي تفيدك في هذا الموضوع ألفية ابن مالك وشروحها، ومغني اللبيب لابن هشام ونظمه للسلطان مولاي عبد الحميد، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك حفظ كتابه وإقامة حروفه وحدوده. 

والله اعلم.