عنوان الفتوى : معنى قوله تعالى (وإلهنا وإلهكم واحد..)
في سورة العنكبوت الآية (46) يقول الله تعالى: وإلهنا وإلهكم واحد، والمخاطب هم أهل الكتاب، كيف هذا ونحن نعلم أن الإله هو ما يعبد وأن أهل الكتاب بعضهم يعبد المسيح وبعضهم مريم... إلخ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالآية الكريمة لا تعني الآلهة المزعومة من طرف أهل الكتاب، وإنما تعني الإله الحق الواحد الذي ينسب إليه الضر والنفع والخلق والإحياء والإماتة وسائر التصرفات في هذا الكون، وهو الله وحده، وقد أقر بذلك سائر الخلائق، قال الله تعالى: أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ {آل عمران:83}، وكان جميع ذرية آدم قد أخذ عليهم الميثاق بالإقرار بربوبيته تعالى وهم في عالم الذر، قال الله عز وجل: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ {الأعراف:172}، وأقر بربوبية الله المشركون من أهل الجاهلية وغيرهم وهم أبعد الناس عن الهدى، قال الله تعالى عنهم: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ {الزخرف:87}، وقال تعالى: قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ {يونس:31}.
وبين الله كفر أهل الكتاب باتخاذهم آلهة غيره، قال الله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ {المائدة:72}، وقال تعالى: لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ.... {المائدة:73}.
ودعا القرآن أهل الكتاب إلى عبادة الله وحده ونبذ كل معبود سواه، قال الله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ {آل عمران:64}، والآيات في هذا كثيرة جداً.
والله أعلم.