عنوان الفتوى : حفظ القرآن وتدبره.. أفضل أم مجرد تلاوته وختمه
مسلمة تسأل عما إذا انشغل الإنسان بحفظ القرآن الكريم ومراجعته والاطلاع على تفاسير القرآن الكريم ومعاني مفردات القرآن الكريم فحدث بطء في ختم القرآن الكريم قراءة. فهل يعد من لم يختم القرآن الكريم في أربعين يوما هاجرا للقرآن الكريم؟ وأيهما أولى في حق المسلم الختم، أم التدبر في القرآن الكريم؟ وجزاكم الله عنا كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تلاوة القرآن وتدبر معانيه وتعلمه وتعليمه... فيها من الخير الكثير والثواب الجزيل ما لا يعلمه إلا الله تعالى، فهنيئا لمن وفقه الله تعالى لذلك.
ومن الحسن للمسلم أن يعود نفسه على ختم القرآن، وكلما انتهى منه ابتدأ به، وهذا هو الحالُّ المرتحل الذي ورد فضله في الحديث الشريف. فقد روى الترمذي والدارمي وغيرهما: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الحالُّ المرتحل. قال: وما الحال المرتحل؟ قال: الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره، كلما حلَّ ارتحل.
ويكفي لفضل تلاوة القرآن أن الله تعالى يقول عن نبيه صلى الله عليه وسلم: وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ [سورة النمل:92،91].
ومن انشغل عن سرعة الختم بحفظ القرآن ومراجعته وتدبر معانيه والاطلاع على تفاسيره...لا يعتبر من الذين قال الله تعالى فيهم حكاية عن نبيه صلى الله عليه وسلم: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً [سورة الفرقان:30]. لأنه لم يهجر القرآن فهو يحفظ ويراجع ويتلو... فبذلك يجمع بين المهمتين.
والتدبر من أهم الأسس التي من أجلها نزل القرآن الكريم. قال الله تعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [سورة صّ:29]. وقال تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [سورة محمد:24].
وتحديد مدة ختم القرآن بأربعين يوما لم يكن محل اتفاق بين أهل العلم، فقد ذهب بعضهم إلى أن من ختمه في السنة مرتين فقد أدى حقه، ولكلٍ أدلته.
وأما الانشغال بحفظ القرآن الكريم وتعلمه وتدبره... فلا شك أنه أفضل من مجرد تلاوته وختمه...لأنه بالحفظ والمراجعة والتدبر يكون من الماهرين بالقرآن الذين قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة. متفق عليه. ومن الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. رواه البخاري. وهذا هو الأولى للمسلم.
ولمزيد من الفائدة، نرجو الاطلاع على الفتويين التاليتين: 40247 و 19600.
والله أعلم.