عنوان الفتوى : دعاء الصائم، هل يتعلق بدخول وقت الإفطار، أم بالإفطار نفسه ولو تأخر؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «(ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ.. وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ)، فهل ينتهي الوقت الذي حدّده النّبيّ صلى الله عليه وسلم بمجرد دخول وقت المغرب، أم أنّه ينتهي حين يُفطر الصّائم وإن تأخّر بفطره إلى ما بعد الأذان بمدّة؟
الحمد لله.
أولاً:
عن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ، وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاوَاتِ، وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ رواه أحمد في "المسند" (13 / 410)، والترمذي (3598)، وابن ماجه (1752).
وقال الترمذي: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ "، وحسّنه الحافظ ابن حجر كما في "الفتوحات الربانية" لابن علان (4 / 338)، وصححه محققو المسند بشواهده.
ورواه ابن حبان كما في "الإحسان" (8 / 214)، وبوّب عليه بقوله: " ذِكْرُ رَجَاءِ اسْتِجَابَةِ دُعَاءِ الصَّائِمِ عِنْدَ إِفْطَارِهِ " انتهى.
وروى ابن ماجه (1753) عن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ .
وقال محققو السنن:
" إسناده حسن " انتهى.
وطالع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (26879).
ثانيا:
هذه الأحاديث يحتمل أن يراد بها الفطر الحكمي، وهو دخول وقت الإفطار بغروب الشمس .
ويحتمل أن يراد بها الفطر الحقيقي، بالأكل أو الشرب، حتى ولو كان ذلك بعد غروب الشمس بمدة .
وهذا الثاني هو الظاهر.
قال الكمال الدميري، رحمه الله: "وفي (ابن ماجه) (1753) عن ابن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (للصائم عند فطره دعوة مجابة)، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول عند فطره: (اللهم؛ ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله، اللهم؛ يا واسع المغفرة اغفر لي).
وفهم من الدعاء المذكور: أنه يقوله بعد فطره، وهو واضح". انتهى، من النجم الوهاج في شرح المنهاج» (3/ 325).
وقال ابن علان رحمه الله: " (باب ما يقول عند الإفطار):
قال في الخادم: كذا نص الشافعي في حرملة على استحباب الذكر المذكور عند إفطاره، ولم يبين هل هو قبله، فإن اللفظ عليه أدل. وقوله: (أفطرت): يجوز أن يُراد به الفطر الحكمي، وهو دخول وقته. وهذا كله محتمل. والظاهر: أنه بعد الإفطار وقبله ومعه سواء في إتيانه بالمستحب.
قلت: والثابت الدعاء بعد الفطر.
ثم ساق المذكورين في الأصل اهـ" انتهى، من الفتوحات الربانية على الأذكار النووية (4/339).
والحاصل:
أن الصائم يستحب له الدعاء، سواء عجّل الإفطار أو أخّره ، وسواء دعا بعد حلول وقت فطره، قبل أن يفطر حقيقة، أو مع فطره، أو بعده؛ فالأمر واسع، إن شاء الله.
وللفائدة تحسن مطالعة جواب السؤال رقم: (293455).
لكن ينبغي التنبه إلى أن السنة تعجيل الفطور، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم: (50019).
والله أعلم.