عنوان الفتوى : كان يفطر لأخذ الدواء كل 12 ساعة، ثم بدل الدواء وأمكنه الصوم فهل يقضي ما سبق؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا مريض بالصرع، وأتعالج من هذا المرض منذ أكثر من 10 سنوات، أثناء هذه الفترة كنت في بلد أجنبي، وكان الأطباء دائما يقولون لي: إنه يتوجب علي الإفطار من أجل أخذ الدواء كل 12 ساعة، ولم أكن ملتزم بديني جيدا، فقد كنت أصلي صلوات متقطعة، كما إنه كان من الصعب إيجاد طبيب أو طبيبة عربي وثقة ، أما الآن فقد منّ الله عليّ، والتزمت بديني أكثر، وأصبحت أصلي كل فروضي، وأصلي النوافل قدر استطاعتي، وهذه السنة راجعت طبيبة مختصة بالأعصاب، وقالت لي: إنه يمكنني الصوم حيث بدلت لي الدواء. وسؤالي هنا: في السنوات التي كنت أفطر فيها ـ ومقدارها ١٠ سنوات بالضبط ـ، كنت أدفع فدية الإفطار، فهل يتوجب علي قضاء ما أفطرت أم لا يلزمني؟ مع العلم إن مرضي مزمن، ولا أعتقد أنني أشفى، وما زلت أخذ أدوية لهذا المرض؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

أولا:

المريض مرضا لا يرجى برؤه ويشق عليه الصوم أو يلزمه أخذ دواء في النهار: يفطر، ويفدي.

قال النووي رحمه الله: " قال الشافعي والأصحاب: الشيخ الكبير الذي يجهده الصوم، أي يلحقه به مشقة شديدة، والمريض الذي لا يرجى برؤه، لا صوم عليهما بلا خلاف، ونقل ابن المنذر الإجماع فيه، ويلزمهما الفدية على أصح القولين" انتهى من "المجموع" (6/285).

فإذا لم يكن عليك مشقة ظاهرة في الصوم، وإنما تفطر لأجل أخذ الدواء، فإن كان النهار في بلدك يزيد على اثني عشرة ساعة، فلا حرج عليك فيما كنت تقوم به من الفطر وإخراج الفدية، وإن كان النهار لا يزيد على اثني عشرة ساعة، فقد فرطت، ويلزمك قضاء ما فرطت فيه.

ثانيا:

إذا شفاك الله، أو أمكنك التخلص من الدواء، أو أخذت دواء بديلا لا يتعارض مع الصوم، لزمك الصوم، ولا شيء عليك فيما مضى على التفصيل الذي ذكرناه.

قال في "المبدع" (3/ 13): " وإن أطعم، ثم قدر على القضاء، فكمعضوب حُج عنه ثم عوفي، ذكره المجد. وظاهره: أنه لا يجب القضاء، بل يتعين الإطعام" انتهى.

قال البهوتي بعد نقله: " ومفهومه أنه لو عوفي قبل الإطعام: تعيَّن القضاء" انتهى من "كشاف القناع" (2/ 310).

ومعنى ذلك: أنك إذا كنت أطعمت، فلا تُلزم بالقضاء، وإن كنت لم تطعم لزمك القضاء.

وقال النووي: "إذا أفطر الشيخ العاجز والمريض الذي لا يرجى برؤه، ثم قدر على الصوم، فهل يلزمه قضاء الصوم؟ فيه وجهان، حكاهما الدارمي.

وقال البغوي، ونقله القاضي حسين: إنه لا يلزمه؛ لأنه لم يكن مخاطبا بالصوم، بل بالفدية؛ بخلاف المعضوب إذا أحج عن نفسه، ثم قدر؛ فإنه يلزمه الحج على أصح القولين، لأنه كان مخاطبا به.

ثم اختار البغوي لنفسه: أنه إذا قدر قبل أن يفدي لزمه الصوم. وإن قدر بعد الفدية: فيحتمل أن يكون كالحج؛ لأنه كان مخاطبا بالفدية على توهم دوام عذره، وقد بان خلافه والله أعلم" انتهى من "المجموع" (6/ 259).

والمعتمد من الوجهين: أنه لا يلزمه القضاء.

قال الشيخ زكريا الأنصاري، رحمه الله في "شرح المنهج": " (ويجب المد) لكل يوم (بلا قضاء على من أفطر) فيه (لعذر لا يرجى زواله) ككبر ومرض لا يرجى برؤه لآية وعلى الذين يطيقونه [البقرة: 184] المراد لا يطيقونه أو يطيقونه في الشباب ثم يعجزون عنه في الكبر وروى البخاري أن ابن عباس وعائشة كانا يقرآن وعلى الذين يطوقونه ومعناه يكلفون الصوم فلا يطيقونه".

قال "الجمل" في حاشيته عليه: " (قوله: ويجب المد): أي ابتداء، لا بدلًا؛ حتى لو زال عذره قبل إخراج الفدية: لم يجب عليه الصوم، بل يخرج الفدية. ولو تكلف الصوم، فلا فدية عليه ...

ولو أخرج المُدَّ، ثم قدر بعد الفطر على الصوم: لم يلزمه القضاء" انتهى، من "حاشية الجمل" (2/339)

ونسأل الله أن يشفيك ويعافيك.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...