عنوان الفتوى : لا يجوز قصر وجمع الصلاة للمسافر ما لم يشرع في السفر
أخوكم في الله مسافر إلى بلد بعيد والسفر إلى هذا البلد يستغرق مدة 18 ساعة (10 ساعات بالطائرة و 8 بالقطار) ولا أضمن وجود أماكن للصلاة خلال هذه المدة، فهل يجوز لي أن أقصر وأجمع الصلوات المفروضة قبل السفر، -أي أن أصلي جميع الصلوات التي سيحين وقتها خلال فترة السفر في بلدي قبل السفر-؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز قصر الصلاة للمسافر حتى يبدأ في السفر بالفعل، ولا يكفي مجرد نية السفر، ولا العزم عليه لأن الله تعالى يقول: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ [النساء:101]، فجعل جواز القصر مشروطا بالضرب في الأرض، الذي هو السير فيها، والجمع في السفر حكمه حكم القصر غالباً.
فرخص السفر من قصر الصلاة وجمع مشتركتي الوقت -الظهر مع العصر أو المغرب مع العشاء- لا تشرع إلا بعد الدخول في السفر، فإذا دخل الشخص في السفر ودخل وقت الصلاة جاز له أن يترخص فيقصر الصلاة الرباعية ويجمع المشتركتين، أما أداء الصلاة قبل دخول وقتها فلا يجوز بحال من الأحوال، اللهم إلا أن تكون الثانية من مشتركتي الوقت فيجوز أن تجمع مع الأولى منهما جمع تقديم، وكما يجوز أن تؤخر الأولى حتى تجمع مع الثانية جمع تأخير، وهو مذهب الشافعية، والمالكية، والحنابلة، لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث منها: ما رواه مسلم عن معاذ رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فكان يصلي الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً.
ولا يجوز جمع العصر مع المغرب -مثلا- أو الفجر مع الظهر، وكيف يتذرع المرء لتقديم الصلاة عن وقتها أو تأخيرها بعدم وجود مكان للصلاة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل. فإن لم يجد مكاناً يصلي فيه صلاة كاملة الأركان فليصل على الحالة التي يستطيعها فيأتي بما يستطيع ويسقط عنه ما عجز عنه.
والله أعلم.