عنوان الفتوى : حكم الزواج من فتاة متبرجة تقيم في الغرب
أنا شاب عربي الدم مسلم الروح ، لي 29 سنة ، من أسرة فقيرة و كثيرة العدد – 13 فردا منهم 9 فتيات - بطال ، مصاب بداء ارتفاع الضغط الدموي حتى سن 19 سنة متى أجريت لي عملية جراحية على مستوى القلب – الشريان الأبهر - ، على مدى 10 سنوات كنت و لا أزال أمد يد العون لأسرتي و الحمد لله رغم أني كنت أضطر في غالب الأحيان إلى الأعمال الشاقة ، و على مدار هذه السنوات تأثرت إلى درجة كبيرة بالحياة الزوجية لكن كل محاولاتي و أحلامي باءت بالفشل و انصهرت في وسط مجتمع أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه لا يرحم في بوتقة ظروف صعبة – صحية و أ سرية – و كنتيجة أقولها صراحة و بدون مقدمات ... أنا أعاني معاناة لا يعلمها إلا خالقي .طرقت كل أبواب الرزق الحلال لكن المبادى و القيم و الأخلاق – أنا لا أزكي نفسي – حالت دون أن يصل ندائي إلى من أوكلت لهم مهمة استرعاء أمثالي المستضعفين و حتى اليوم لم أرزق بمصدر رزق رغم ما يزخر به بلدي من خيرات و ثروات .و طبعا ما دمت غير مستطيع للباءة و فقير و مريض يصعب على أية فتاة أن ترضى بي زوجا هذا دون التطرق إلى العادات و التقاليد الإجتماعية التي تثقل كواهل البسطاء أمثالي و تقف حجر عثرة أمام كل من يريد أن يعطي لحياته معنى بالاستجابة إ لى أ مر الله و إكمال نصف دينه... اتصلت ببعض الجمعيات الخيرية و بعض رجال الأعمال علهم يساعدونني لكن في كل مرة أرجع خائبا..أنا إنسان ..دم و روح ..عقل و شهوة ..و لا أريد أن أطلعكم على أسرار بيني و بين خالقي .. المهم أنتظر اليوم الذي أنام فيه مع امراة على فراش الحلال – اسمحوا لي على هذه الجملة - أليس من حقي ؟؟قبل بضعة أشهر تعرفت على فتاة عن طريق الإنترنيت و هي مقيمة ببلد أوربي ، نشأت في نفس البلد الذي أقيم فيه ثم تنقلت إلى أوربا قبل 4 سنوات و تقيم هناك عند خالها رغبة في الحصول على عمل لإعالة أسرتها الفقيرة أيضا ، و الحق يقال .. بعد عدة حوارات تبين لي أن لدينا نفس المبادى و القيم و الأحلام و المعاناة ... و اتفقنا مبدئيا على أن نتقابل عند عودتها في العطلة لطرح القضية على بساط الجد بحضور الأولياء طبعا و في النهاية كل شيء قضاء و قدر . و في حالة الرضى و القبول سوف ألتحق بها في البلد الأجنبي للزواج ، و طبعا نيتي هي الزواج و السعي في طلب الرزق و تقديم المساعدة لأسرتي.لكن هذا البلد لا يحترم الحريات الدينية .. فرغم أنها تصلي و تقرأ القرآن و تصوم الشهر الكريم و... فلا يسمح لها بارتداء الحجاب خاصة في أماكن العمل .. صدقوني في حالة ما إذا جمع بيننا هذا الرباط المقدس سوف يبقى هذا الهاجس يقلقني دائما لأنني لا أستطيع أن أتخيل نفسي أسير معها عارية الرأس رغم أنها على درجة من الخلق و التدين . لكن يجدر بي أن أذكركم أيضا أن المتدينات المحجبات في مجتمعنا لا يرسمن هذه الصورة بصدق و لسن ممن يرضين بيسر المهور و قلة التكاليف و الرضى بالقليل بل يفضلن من يضمن لهن سكنا خاصا و حياة رغدة ..ألا ترون أنني في ورطة حقيقية ؟؟ أنا بين المعاناة و الضمير ، بين الشرع و الواقع ..ماذا أفعل ؟ هل أتزوجها ؟ هل أنا آثم لأنني أنوي الزواج منها فعلا مع أنها ليست محجبة ؟ أنا سعيد لأنني أخيرا وجدت فتاة تقبل بظروفي ..هل أنا مخطئ؟ ما هو حكم الشرع في مثل هذه المواقف ؟ هل استفتاء القلب يكفي في مثل هذه الحالة ؟ هل تكفي النية السليمة ؟ هل تستطيع هي أن تلبس الحجاب خارج أوقات العمل فقط ؟ أو هل تستطيع أن ترتديه عند العودة إلى أرض الوطن ثم تنزعه عند العودة ؟ و قبل هذا هل هذا نوع من الإكراه ؟ أجيبوني جزاكم الله كل خير و قولوا لي كل ما يمكن أن يقال في مثل هذا المقام ، أنا لا أبحث عن حجة تبيح لي ما أريد لكنني حائر و تذكروا أنني كالمريض في غرفة الإنعاش يبحث عن أي دواء حتى تكتب له النجاة إن شاء الله . أخيرا أرجوكم لا تقولوا لي اصبر لأنه للأسف نفذ صبري و لا حول و لا قوة إلا بالله أنتظر جوابكم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فنسأل الله تعالى العلي القدير أن يشفيك ويرزقك رزقا حلالا واسعا وييسر لك زوجة صالحة تسعدك، ثم اعلم وفقك الله أن المسلم ينبغي له إذا أراد الزواج أن يختار ذات الدين والخلق، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه. وذلك أن المرأة سكن للزوج وحرث له، وأمينة في ماله وعرضه وموضع سره، وعنها يرث الأولاد كثيرا من الصفات ويكتسبون بعض عاداتهم منها، ولهذا اتفق أهل العلم على استحباب الزواج بذات الدين، قال ابن قدامة في المغني: يستحب لمن أراد التزوج أن يختار ذات الدين. أما غير ذات الدين من المسلمات العاصيات فالزواج بهن جائز من حيث الأصل إذا لم يكن هناك مانع آخر، وإن كان الأولى خلافه، فزواجك من هذه المرأة جائز إلا أن ترك ذلك أولى ما دامت متمسكة بهذه المخالفات الشرعية، والحال أنك لا تستطيع أن تقنعها بالتخلي عن ذلك وتركه، وذلك لأن الشرع جعل الزوج مسؤولا عما تقوم به زوجته بحكم ولا يته عليها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الأب راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته. رواه البخاري. بالإضافة إلى أن زواجك منها على ما فهمناه من سؤالك يستدعي المقام معها في بلد إقامتها وهو بلد كفري. ولا يخفى ما في الإقامة في تلك البلاد من الخطورة على دين المسلم وأخلاقه وأولاده، أما بالنسبة لارتداء المرأة للحجاب فهو أمر واجب ولا يجوز لها خلعه إلا إذا كانت في بيتها أو مع من يحل له أن ينظر إليها كاشفة، ولمزيد من الفائدة عن حكم الحجاب تراجع الفتوى رقم: 45977 والله أعلم.