عنوان الفتوى : جواز الدعاء على الظالم، وعاقبة الصبر أجمل
كنت متزوجة، وكنا نحب بعضنا، وأمورنا طيبة، وعندنا بنت، وكنت حاملا بابن.
بدون مقدمات تركنا ورمانا، ورفض أن يتكلم معي أو أن يراني، وخاض في عرضي.
ظلمني بطريقة صعبة جدا، وشتمني وشتم أهلي، ورفض الكلام في أي شيء، وتركني معلقة 4 أشهر؛ لأنه كان يريد مني أن أتنازل عن حقوقي. ووالدي رفض؛ فطلقني غيابيا، وقد انتهت عدتي لما وضعت مولودي.
بعد ذلك عرفت وتأكدت أن في حياته امرأة، وهي ووالدته من شجعتاه علي، وكرَّهتاه في من كل شيء تتخيله حتى سمعتي؛ لأني عندما كنت مراهقة للأسف تعرفت على رجل. لكن زوجي كان يعرف وكان الأمر عاديا عنده، ويشهد ربنا أني لم أكن أتنفس من دون إذنه، وكنت أحبه من كل قلبي وعقلي، وحاولت بكل الطرق وأذللت نفسي له؛ لكي أحافظ عليه، لكنه ظلمني جدا.
لقد وضعوا ثيابي في كيس زباله. وتكلموا عن شرفي الذي استباحه. قلبي يؤلمني من القهر، وأدعو ربنا في كل لحظة.
أنا للأسف غلطت كما أسلفت، لكن تبت إلى ربي، وما قالوه من كلام أسوأ بكثير من غلطي الذي ستره ربنا، لقد قالوا كلاما بشعا ومن دون دليل، وأنا غلطي كان لا يذكر وكان في حق ربنا ونفسي، وقد تبت. لكني لم أفعل شيئا خاطئا عندما كنت متزوجة، هو كأنه خالعني، وقد أساء في كل شيء لأنه كان يريد أن يأخذ حقوقي لكن الحمد لله لجأت للقضاء، فأنا بيني وبين نفسي أسأل: هل لي حق؟ أو أستحق ما وقع لي بسبب غلطي الماضي، لكن هذا كان قبل أن أعرفه أصلا بسنين؟
هو رماني أنا والأولاد ورفض أن يسجل المولود إلا بعد معاناة، ولا يرسل مصاريف أبدا أبدا، وكسر شقة الزوجية وأخذ الأشياء التي كان قد أتى بها، وأخذ أشياء كانت لي، ورفض أن يرجعها، وأيضا طالب بالذهب الذي كان قد أتى به الذي هو شبكتي، وهدايا، لكننا رفضنا لأن ذلك حقي، ويشهد الله أنني لا أقبل بشيء ليس من حقي. أنا فقط أريد أن أعرف هل لي حق عند ربنا، فأنا أدعو على هؤلاء الناس؟
أريد أن أعرف رأي الدين: لقد طُلقت وغدر بي، وكنت أحافظ وحاولت معه بكل الطرق، وبينما كنت حاملا ومنهارة وأريده كانت في حياته امرأة.
لما كلمت والدته خاضت في عرضي وغلطت، واتهمتني أني ناشز، وكفرتني. ولما كلمت البنت لكي تبتعد عنه؛ فاتهمتني في عرضي أني أستحق كل الذي يقال وأني فعلا غير محترمة، وكفرتني، قلبي يؤلمني لأني كنت وما زلت أحبه، واتقيت ربنا فيه وفي بيتي. اتهموني بأشياء بشعة جدا جدا لم تقع أصلا، والبنت هذه قالت لي كلام معناه أنها أحسن مني، وأنها ملتزمة دينيا لأنها تلبس لباسا محتشما. وهو قال لي نفس الكلام أنها أحسن مني وأوجعني بكلام كثير جدا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما وقع منك قبل الزواج وتبت منه؛ لا يضيع حقّك ولا يبيح لزوجك -أو غيره- أن يتهمك في عرضك دون بينة، أو يظلمك ويضيع شيئا من حقوقك.
فإن كان وقع عليك ظلم من زوجك أو أمّه أو غيرهما؛ فيجوز لك الدعاء عليهم بقدر مظلمتك دون تجاوز، وإن صبرت وتركت الدعاء عليهم؛ فهو أفضل، ففي سنن الترمذي عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دعا على من ظلمه فقد انتصر.
قال المناوي -رحمه الله- في فيض القدير: أي أخذ من عرض الظالم فنقص من إثمه، فنقص ثواب المظلوم بحسبه. انتهى.
وراجعي الفتوى: 419995
وإذا كنت متهاونة في ارتداء الملابس الساترة؛ فالواجب عليك التوبة إلى الله، والمحافظة على الحجاب والستر. وانظري الفتوى: 484579
وننوه إلى أنّ إخبار أحد الخاطبين الآخر بما وقع منه في الماضي من المحرمات، أو سؤاله عنه؛ مسلك مخالف للشرع، والصواب أن يستر العبد على نفسه، ولا يخبر أحدًا بمعصيته لغير مصلحة معتبرة. وانظري الفتوى: 117433
واعلمي أنّك إن صبرت واتقيت الله وحافظت على حدوده؛ فلن يضيعك الله وستكون عاقبتك خيرا، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 90].
قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: أي يتقي الله ويصبر على المصائب، وعن المعاصي. (فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) أي الصابرين في بلائه، القائمين بطاعته. انتهى.
وقال السعدي -رحمه الله- في تفسيره: ومنها: فضيلة التقوى والصبر، وأن كل خير في الدنيا والآخرة فمن آثار التقوى والصبر، وأن عاقبة أهلهما، أحسن العواقب. انتهى.
والله أعلم.