عنوان الفتوى : أحوال التحدث بالنعمة وكتمانها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

كيف نوازن بين آية: وأما بنعمة ربك فحدث - وبين: لا تقصص رؤياك على إخوتك ـ وبين: لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة؟ ففي آية: لا تدخلوا من باب واحد ـ فسرها كثير من السلف كمجاهد، وابن عباس، ومحمد بن كعب، وقتادة، والضحاك، والسدي أنه: خشية من العين، والحسد- فكيف نحدث بنعم الله ومع ذلك نأخذ العبر من القرآن الكريم بالخشية من الحسد؟ وكيف نحدّث إذا كنا نخشى؟

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقول الله تبارك وتعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ {الضحى:11} فيه الأمر بالتحدث بنعم الله تعالى، والاعتراف بها، شكرانا لله تعالى، وهذا مطلب شرعي، فقد روى الإمام أحمد، والطبراني، وغيرهما مرفوعا: التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر.. والحديث حسنه الألباني.

وقال ابن العربي: إذا أصبت خيراً، أو علمت خيراً، فحدث به الثقة من إخوانك، على سبيل الشكر، لا الفخر والتعالي، وفي المسند مرفوعاً: من لم يشكر القليل، لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس، لم يشكر الله، والتحدث بالنعمة شكر، وتركها كفر... اهـ.

وأما آية سورة يوسف: فتحمل على مشروعية عدم التحدث بها عند من يخشى منه الضرر، فيشرع كتم النعم عنه خشية كيده، وإصابته بالعين، فقد جاء في أحكام القرآن للجصاص -4/ 380: قوله تعالى: لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ـ علم أنه إن قصها عليهم حسدوه، وطلبوا كيده، وهو أصل في جواز ترك إظهار النعمة، وكتمانه عند من يخشى حسده، وكيده، وإن كان الله قد أمر بإظهاره، بقوله تعالى: وأما بنعمة ربك فحدث. اهـ.

وجاء في تفسير القرطبي -9/ 126: وفي هذه الآية دليل على أنه يباح أن يحذر المسلم أخاه المسلم ممن يخافه عليه، ولا يكون داخلا في معنى الغيبة، لأن يعقوب -عليه السلام- قد حذر يوسف أن يقص رؤياه على إخوته فيكيدوا له، وفيها ما يدل على جواز ترك إظهار النعمة عند من تخشى غائلته حسدا وكيدا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود..... اهـ.

والله أعلم.