عنوان الفتوى : الاشتغال بتكثير المال عن نصرة الدين من مظاهر النفاق العملي

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أرى العديد من الأشخاص أصبحوا يفضلون المال على نصرة دينهم، خوفا من ضياع أموالهم، فهل يعتبر هذا من النفاق؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن تفضيل كسب المال، وجمعه، وكنزه على نصرة الدين، والجهاد في سبيل الله، والإنفاق، والبذل لدين الله، من مظاهر النفاق العملي، وقد قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {التوبة: 24}.

وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في وصف المنافقين بالبخل بالمال، وعدم إنفاقه: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {التوبة: 67}.

وجاء في حديث ابن عمر -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم. رواه أحمد.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بغزو، مات على شعبة من نفاق. رواه مسلم.

قال ابن هبيرة في الإفصاح عن معاني الصحاح -8/ 73: في هذا الحديث من الفقه الحث على الجهاد، أو تمنيه؛ لمن لم يمكنه النهوض إليه، فإن لم ينهض فهو على شعبة من النفاق؛ فإن النفاق ضد الصدق، والصدق في أعداء الله تجريد حربهم سرا وجهرا، فشأن المؤمن أن يكون محاربا لأعداء الله إن استطاع ذلك، معلنا به، وإلا كان ناويا، وعازما عليه؛ فإذا ضرب عن ذلك في جهره، ثم أضرب عنه في سره؛ فإنه على شعبة من النفاق؛ إذ الشعبة قد تؤدي إلى الوادي. اهـ.

وقال القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح -6/ 2470: مات على شعبة من نفاق: أي: نوع من أنواع النفاق، أي: من مات على هذا، فقد أشبه المنافقين، والمتخلفين عن الجهاد، ومن تشبه بقوم فهو منهم، وقيل: هذا كان مخصوصا بزمانه - صلى الله عليه وسلم - والأظهر أنه عام، ويجب على كل مؤمن أن ينوي الجهاد إما بطريق فرض الكفاية، أو على سبيل فرض العين، إذا كان النفير عاما، ويستدل بظاهره لمن قال: الجهاد فرض عين مطلقا، وفي شرح مسلم للنووي، قال عبد الله بن المبارك: نرى أن ذلك على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: وهذا الذي قاله ابن المبارك محتمل، وقد قال غيره إنه عام، والمراد أن من فعل فقد أشبه المنافقين المتخلفين عن الجهاد في هذا الوصف، فإن ترك الجهاد أحد شعب النفاق. اهـ.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...