عنوان الفتوى : لا حرج في تكلم الشخص بلهجته في غير بلده
منذ فترة قال لي صديق إنه سمع حديثا عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يتحدث بلهجة المكان الذي يزوره، وعندما بحثت لم أجد شيئا عن هذا الموضوع، وأنا مغترب عن مكان نشأتي، ولا أعرف إن كان يجب أن أفتخر بالوطن، والمنشأ، وأتحدث بلهجتي في أي مكان؟ أم يجب أن أتحدث بلهجة أهل المكان؟
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في التحدث بلغة بلدك، أو لهجتك إذا زرت غيرها من البلدان، ولا يلزمك شرعا أن تتحدث بغيرها، ولم يأت الشرع بوجوب هذا، وأما كون النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتكلم لهجة البلاد التي كان يزورها، فهذا لم نقف عليه صريحا بهذا اللفظ.
والوارد في كتب السير أنه -صلى الله عليه وسلم- قد علَّمه الله ألسنة العرب، فكان يخاطب كل قوم بلهجتهم في حديثه معهم، ومكاتباته لهم.
قال القاضي عياض في كتابه: الشفا بتعريف حقوق المصطفى: وَعِلْمِ أَلْسِنَةِ الْعَرَبِ، فكان يُخَاطِبُ كُلَّ أُمَّةٍ مِنْهَا بِلِسَانِهَا، وَيُحَاوِرُهَا بِلُغَتِهَا، وَيُبَارِيهَا فِي مَنْزَعِ بَلَاغَتِهَا، حَتَّى كَانَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَسْأَلُونَهُ فِي غَيْرِ مَوْطِنٍ عَنْ شرح كلامه، وتفسير قوله، ومن تَأَمَّلَ حَدِيثَهُ، وَسِيَرَهُ، عَلِمَ ذَلِكَ وَتَحَقَّقَهُ، وَلَيْسَ كَلَامُهُ مَعَ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ، وَأَهْلِ الْحِجَازِ، وَنَجْدٍ، كَكَلَامِهِ مَعَ ذِي الْمِشْعَارِ الْهَمَدَانِيِّ، وَطِهْفَةَ النَّهْدِيِّ، وقطن بن حارثة العليمي، والأشعث بن قيس، ووائل بْنِ حُجْرٍ الْكِنْدِيِّ، وَغَيْرِهِمْ.... إلخ.
ثم ذكر القاضي أمثلة كثيرة من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومكاتباته إلى قبائل العرب، مما استخدم فيها كلمات ليست من كلام قريش قومه، فإن شئت -أيها السائل- فارجع إلى الكتاب المذكور في الفصل الخامس الذي عقده المصنف في فصاحة لسانه -صلى الله عليه وسلم-، وبلاغته.
والله أعلم.