عنوان الفتوى : ضوابط في تحويل مشروع ما إلى شركة مساهمة
اشتريت أرضا بمبلغ من المال، وقررت -مستعينا بالله- أن أنشئ عليها مشروع مدرسة خاصة. أنجزت مرحلة التصميم الهندسي، والمخططات عند مكتب مختص، وبعدها مضيت بتجهيز الرخص المطلوبة، ودفعت الرسوم المستوجبة، ولما أردت البدء بعمارة البناء قررت أن أحول المشروع لمشروع مدرسة بطريقة شركة مساهمة، حيث قلت إني سأقسم المشروع إلى 30 سهما، قيمة كل سهم مبلغ معين، وأبيعها للمساهمين هل يجوز ذلك بداية؟ وما ضوابط تقييم سعر السهم؟ هل يجوز أن أقول مثلا (الكلف المدفوعة للمشروع هي 50 ألفا ثمن أرض، مخططات، رسوم حكومية) وكلف البناء المتوقعة 60 ألفا، وأن أضيف مبلغ( مثلا 10 آلاف ) لقاء تحصيل الرخصة، والمتابعة التأسيسية للمشروع، فيصبح الإجمالي 120 ألفا، فيكون سعر كل سهم (باعتبار تقسيمة 30 سهما) هو 4000، وبهذه القيمة أقوم بعرض الأسهم للبيع ؟ وهل يجوز النص بالعقد أن يكون هنالك نسبة ثابتة للمؤسس من صافي الأرباح (مثلا 10 بالمئة)، والباقي توزع على المساهمين بحسب عدد أسهمهم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا قوَّم السائل ما أنجزه من المشروع، وأضاف إليه ما يحتاجه بعد ذلك من تكاليف، وطرح القيمة الكلية للبيع على هيئة أسهم، فلا حرج في ذلك؛ فإن مشروعية شركة المساهمة بالمفهوم الحديث كان محل اختلاف بين أهل العلم المعاصرين، وأكثرهم على مشروعيته من حيث الجملة، وهذا هو الذي استقر عليه العمل، بشرط اجتناب المحاذير الشرعية، كحرمة مجال عمل الشركة، وإصدار السندات الربوية.
وأصل ذلك هو الإلحاق بشركة العنان، جاء في المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المراجعة والمحاسبة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية، في المعيار رقم (12) المتعلق بالمشاركة، والشركات الحديثة: شركة المساهمة: هي الشركة التي يكون رأس مالها مقسما إلى أسهم متساوية قابلة للتداول، ولا يكون كل شريك فيها مسئولا إلا بمقدار حصته في رأس المال، وهي من شركات الأموال، ولها أحكام شركة العنان إلا ما يتعلق بتحديد مسئولية الشركاء، وامتناع الفسخ من أحد الشركاء. اهـ.
وجاء في هذا المعيار أيضا فيما يتعلق بالأحكام الشرعية لشركة المساهمة:
يجوز إضافة نسبة معينة مع قيمة السهم عند الاكتتاب، لتغطية مصروفات الإصدار ما دامت تلك النسبة مقدرة تقديرًا مناسبًا.
لا يجوز إصدار أسهم ممتازة لها خصائص مالية تؤدي إلى إعطائها الأولوية عند التصفية، أو عند توزيع الأرباح. ويجوز إعطاء بعض الأسهم خصائص تتعلق بالأمور الإجرائية، أو الإدارية، بالإضافة إلى حقوق الأسهم العادية مثل حق التصويت. اهـ.
وعلى ذلك؛ فلا بأس بالطريقة التي ذكرها السائل في تقدير قيمة السهم؛ فإن حساب رأس مال الشركة يكون وفقا للقيمة الاسمية لمجموع الأسهم.
قال الدكتور عبد العزيز الخياط في كتابه الشركات في الشريعة الإسلامية (2/95): هناك فرق بين قيمة السهم الاسمية، وقيمة الإصدار، وقيمته الحقيقية، وقيمته السوقية، فالاسمية: هي قيمته المبينة في الصك، ويكون حساب رأس مال الشركة وفقا للقيمة الاسمية لمجموع الأسهم.
وقيمة الإصدار: هي القيمة التي يصدر بها السهم عند التأسيس، أو عند زيادة رأس المال.
والقيمة الحقيقية: هي النصيب الذي يستحقه السهم من صافي أموال الشركة بعد خصم ديونها، فإذا ربحت الشركة، وأصبح لها أموال احتياطية، ارتفعت قيمة السهم الحقيقية، وأصبحت أعلى من القيمة الاسمية.
والقيمة السوقية: تكون مهزوزة عادة بحسب العرض، والطلب، والمضاربات، والظروف السياسية، والاقتصادية. اهـ.
وأما النص في العقد على أن يكون هناك نسبة ثابتة للمؤسس من صافي الأرباح، والباقي توزع على المساهمين بحسب عدد أسهمهم، فهذا إن كان لمجرد طرح الأسهم للاكتتاب فهو في معنى الأسهم الممتازة التي نص المعيار الشرعي الذي سبق ذكره على عدم جواز إصدارها.
وأما إن كان في مقابل إدارة الشركة، فلا بأس أن يكون له نسبة أعلى من غيره مقابل العمل في إدارة الشركة.
والله أعلم.