عنوان الفتوى : حكم من باع اللقطة بأقل من ثمنها وتصدق به قبل تعريفها
لقد وجدنا سلسلة من الفضّة ملقاة في منزلنا، فقمتُ ببيعها لصاحب مصاغة، واشتراها بثمن أقل لإعادة عجنها. وقد قُمت بالتصدق بالمال عن صاحبها الذي لا أعرفه. فهل يجب إخراج ثمنها الحقيقي؛ لأن صاحب المصاغة اشتراها بأقلّ؟
وهذا وقع معي أيضا عندما أُهديت إليّ خوذة مسروقة، فبعتُها بثمن رخيص نوعا ما، وتصدقتُ بثمنها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تتوب إلى الله تعالى من التصرف فيما لا تملك، فالسلسلة التي وجدتها في بيتك، ولا تعلم صاحبها لقطة لم يكن لك بيعها، وكان الواجب عليك تعريفها سنة.
جاء في أسنى المطالب في شرح روض الطالب: قال القفال: وإذا وجد درهما في بيته لا يدري أهو له، أو لمن دخل بيته، فعليه تعريفه لمن يدخل بيته؛ كاللقطة -أي الموجودة في غير بيته مما مر-. انتهى.
فإن عرفت صاحبها، ورضي بما حصل منك من البيع والتصدق بالثمن؛ فلا إشكال إذن، وإن رضي بالبيع، ولم يرض بالتصدق بالثمن، فعليك أن تدفع له الثمن الذي بعتها به.
وأمّا إذا لم يرض بالبيع، وكانت السلسلة غير قائمة عند المشتري -كما هو الظاهر-؛ فلصاحبها مثلها إن كان لها مثل، أو قيمتها، إن لم يكن لها مثل.
جاء في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: وأما لو تعدى عليها الملتقط بالبيع ففيه تفصيل في بيعها بعد السنة فليس لربها إلا الثمن، وقبل السنة يخير ربها بين إمضاء البيع وأخذ الثمن ورده وأخذها إن كانت قائمة أو قيمتها إن فاتت. انتهى.
وأمّا إذ لم تعرف صاحبها؛ فتصدق بالفرق بين الثمن الذي بعتها به، وبين قيمتها الحقيقية.
وكذا عليك أن تتصدق بفرق الثمن الذي بعت به الخوذة المسروقة، وبين قيمتها الحقيقية، ما دمت لا تعرف صاحبها، ولو وجدته فيما يستقبل، فيخير بين أجر الصدقة، أو ضمان قيمة خوذته له. ولك الرجوع على البائع بما دفعت إليه.
والمقصود بالقيمة: الثمن المعتاد عند عامة الناس دون زيادة أو نقصان، بخلاف الثمن الذي وقع به البيع؛ فقد يكون أقل من القيمة أو أكثر.
والله أعلم.