عنوان الفتوى : هل يجوز النزول للمسبح بملابس عليها نجاسة؟
ما حكم السباحة في مسبح كبير لمن كان في ملابسه مذي، أو ودي، أو أفرازات، أو أيًّا كان من النجاسات؟
الحمد لله.
أولاً:
ماء المسبح إذا لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة فإنه لا يتنجس ولو خالطته النجاسة؛ لأنه أكثر من القلتين بكثير، والماء إذا بلغ القلتين وخالطته نجاسة لم تؤثر في أحد أوصافه: لم يتنجس، على قول جماهير العلماء.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة الإفتاء: "الأصل في الماء الطهارة، فإذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه بنجاسة فهو نجس، سواء كان قليلاً أو كثيراً، وإذا لم تغيره النجاسة فهو طهور " انتهى "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/84).
ثانياً:
ثبت النهي عن التبول في المياه الراكدة كالمسابح ونحوها، لما يتضمنه ذلك من التقذير لها، وربما أدى إلى تنجسه لكثرة فعله. وقد حرصت الشريعة على دفع الضرر عن الناس، وتحري النظافة في كل شيء، فعن أَبي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لاَ يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ رواه البخاري (238).
وعَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ" رواه مسلم (281).
قال النووي رحمه الله تعالى: " وإذا كان الماء كثيرا راكدا، فقال أصحابنا: يكره ولا يحرم. ولو قيل: يحرم لم يكن بعيدا؛ فإن النهي يقتضي التحريم، على المختار عند المحققين والأكثرين من أهل الأصول..، وفيه من المعنى: أنه يُقَذِّره، وربما أدى إلى تنجيسه بالإجماع لتغيره، " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (3/188).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" ويكره البول في الماء الدائم، وإن كثر وبلغ حدا لا يمكن نزحه؛ لعموم النهي عن ذلك، ولأنّ فتح هذا الباب يفضي إلى كثرة البول فيغيره " انتهى من "شرح العمدة" (1/145).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وخلاصة هذا الحديث وألفاظه:
1- أن الإنسان لا يبول في الماء الدائم الذي لا يجري مطلقا إلا أننا استثنينا الأنهار والأودية الكبار وما أشبه ذلك فإن هذا جائز بالاتفاق، واستثنينا أيضا من الماء الدائم البحار أو البحيرات.
2-أنه لا يبول فيه ولا يغتسل منه؛ لأن ذلك مستقذر مستقبح عرفا وفطرة لقوله: (لا يبولن ثم يغتسل)" انتهى من "فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام" (1/76).
ثالثاً:
النزول إلى المسبح بملابس عليها نجاسة من مذي أو ودي: ليس كالبول في المسبح، بل أمره أخف؛ فإن هذه الأشياء المذكورة: نجاستها في نفسها أخف من نجاسة البول، فالبول نجاسته أشد وأغلظ.
ثم إن قُدِّر أن في الملابس شيئا من أثر البول أو الغائط أو الدم، فذلك الأثر يكون عادة يسيرا، وأثره في الماء الراكد ضئيل أو منعدم؛ لا سيما إذا كان ذلك الماء كثيرا كماء المسبح ونحوه.
ولا شك أنه إذا أمكن تغيير الملابس التي بها شيء من هذه الآثار، أو تنظيفها قبل نزول المسبح : فذلك أفضل بكل حال، وأبعد عن تقذير الماء على الغير . فقد جاء في رواية مسلم للحديث المذكور آنفا: لا يَغْتَسِلْ أحَدُكمْ في المَاء الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ رواه مسلم (283).
وعلى ذلك يقال: إن تيسر التنظف والتطهر منه قبل النزول إلى الماء الراكد كالمسابح ونحوها، فهو الأفضل والأكمل، حفاظاً على ما يستعمله عامة الناس من القذر. وفي الحديث : لا ضرر ولا ضرار رواه ابن ماجه (2340)، وصححه الألباني.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |