عنوان الفتوى : هل يصح حديث: ( يابن ادم دعوت على من ظلمك، ودعا عليك من ظلمته ... )؟
سمعت حديث يقول( يابن ادم دعوت على من ظلمك فا دعا عليك من ظلمته فإن شئت اجبناك واجبنا عليك وان شئت أخرتكما للاخرة فيسعكما عفوي) ماصحته ؟ جزاكم الله خيرا
الحمد لله.
هذا الخبر ذكر السيوطي أنه في كتاب "التاريخ" للحاكم، وبيّن أن فيه ضعفا، حيث قال رحمه الله تعالى:
" قَال الله -تَعَالى-: ( إِنَّكَ إِنْ ظُلِمْتَ تَدْعُو عَلَى آخَرَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ ظَلَمَكَ، وَإنَّ آخَرَ يَدْعُو عَلَيكَ أنَّكَ ظَلَمْتَهُ، فَإِن شِئْت اسْتَجَبْنَا لَكَ وَعَلَيكَ، وإنْ شِئْت أخَّرْتُكُمَا إِلَي يَوْمِ الْقيَامَةِ فَأُوسِعْكُمَا عَفْوي ).
الحاكم في تاريخه عن أنس، وفيه إِبراهيم بن زيد الأَسلمي، وهَّاه ابن حبان " انتهى. "الجامع الكبير" (6 / 126).
قال ابن حبان رحمه الله تعالى:
" إبراهيم بن زيد الأسلمي: شيخ يروي عن مالك، روى عنه محمد بن يزيد محمش، منكر الحديث جدّا، يروي عن مالك ما لا أصل له من حديث الثقات، لا يحل الاحتجاج به بحال " انتهى. "المجروحين" (1 / 110 – 111).
وروى أبو نعيم في "الحلية" (5 / 239) هذا الخبر من كلام يزيد بن ميسرة، قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، حدثنا ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْمَعٍ، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَجِيحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ مَيْسَرَةَ يَقُولُ: " إِنْ ظَلَلْتَ تَدْعُو عَلَى رَجُلٍ ظَلَمَكَ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: إِنَّ آخَرَ يَدْعُو عَلَيْكَ، إِنْ شِئْتَ اسْتَجَبْنَا لَكَ، وَاسْتَجَبْنَا عَلَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ أَخَّرْتُكُمَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَوَسِعَكُمَا عَفُوُّ اللهِ " انتهى.
وهذا، مع كونه ليس منسوبا إلى كلام النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن في إسناده عبد الرحمن بن نجيح، ومحمد بن مسمع، ولم نقف على من وثّقهما.
وهذا الخبر وإن كان لا يثبت لفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ففيه تنبيه وإشارة إلى أن العبد إذا كان مظلوما من وجه، فقد يكون ظالما من وجه آخر، ففتكأفأ الظلامتان، أو يتقاصانا فيها.
هذا، مع أن العبد لا يكاد يُعصم طول حياته من مظالم يرتكبها فربما اغتاب، وربما شتم، وربما اعتدى على مال أو عرض غيره؛ فإذا اعتاد هذا العبد على العفو عن الظالمين له، فإنه يرجى أن يعامله الله تعالى برحمته ومغفرته. قال الله تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ النور /22.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" أي: فإن الجزاء من جنس العمل، فكما تغفر عن المذنب إليك نغفر لك، وكما تصفح نصفح عنك " انتهى. "التفسير" (6 / 31).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" الثواب والعقاب يكونان من جنس العمل في قدَر الله وفي شرعه: فإن هذا من العدل الذي تقوم به السماء والأرض؛ كما قال الله تعالى: ( إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا )، وقال: ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ) " انتهى. "مجموع الفتاوى" (28 / 119).
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |