عنوان الفتوى : مَن أرادت العمرة عن أمّها فأرغمها زوجها أن تعتمر عن أبيه
ذهبت امرأة لأداء مناسك العمرة مع مَحرَم لها، وقد تكفّل بمصاريف السفر، وكانت تنوي أن تعتمر مرة ثانية في نفس الرحلة عن أمّها المتوفاة، ولكنّ زوجها لم يأذن لها بذلك، وطلب منها أن تعتمر عن أبيه المتوفى؛ ففعلت ما طلب منها مرغمة، ولم تستطع بعدها أن تؤدّي عمرة ثالثة لضيق الوقت، ولإرهاقها الشديد، فهل يحقّ للزوج إرغامها على ذلك؟ وهل كان ينبغي عليها أن تجعل نيّتها لأمّها، ولو اضطرّت للكذب عليه؟ وهل يمكن أن يكون الأجر قد ذهب أيضًا لأمّها لنيّتها القلبيّة؟ علمًا أنها لا زالت تبكي بحرقة شديدة؛ مما دفعني لسؤالكم. وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي لهذه المرأة أن تحزن، ولا أن تبكي؛ فقد فعلت خيرًا على كل حال، وقد ذهب ثواب تلك العمرة لمن أحرمت بها عنه، لا إلى أمّها، وإن كانت تتمنى العكس؛ فإن العبرة بفعلها، لا بتمنّيها، ولعلها قد دعت لأمّها هناك؛ فانتفعت بدعائها ذاك -إن شاء الله-.
ولم يكن لزوجها أن يجبرها على ما أراد، ولا كان يلزمها طاعته في ذلك، وقد بينا حدود الواجب من طاعة الزوج في الفتوى: 115078.
وكان يسعها أن تخالفه، وتفعل خلاف ما طلبه منها، لكن في طاعتها له -إن شاء الله- خير كثير؛ لما فيه من تجنب الشقاق والخلاف.
ولعل الله ييسر سفرًا آخر تعتمر فيه عن أمّها، ولتكثرْ من الدعاء لها بالمغفرة، والرحمة، وتتصدّق عنها؛ فهذا من أعظم ما ينفعها.
والله أعلم.