عنوان الفتوى : هل يجوز التربح من كتاب ألفته وجعلته لوجه الله؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا من مصر، عمري 25 سنة، في آخر سنة في الكلية عملت بجد على تأليف كتاب في تخصصي، والحمدلله رب العالمين استطعت تأليف الكتاب، ولأنني أول مرة أخوض تجربة التأليف عاهدت نفسي أن أجعل هذا الكتاب لوجه الله، ولا أريد منه أجر؛ طالما الله وفقني فيه، ونشرته على الإنترنت بشكل مجاني، وبعد فترة أردت أن أضيف معلومات جديدة إلى الكتاب، وأخرجه بصورة أفضل في التنسيق، والمعلومات الجديدة، وإعطاءه لدار نشر لطبعه في صورته الجديدة، فهل بذلك أكون خالفت عهدي مع الله؟ وما هي الكفارة؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

نسأل الله لك التوفيق ودوام التفوق، وأن يتفع الله بك الأمة.

أولاً:

ما عاهدت به نفسك من جعل هذا الكتاب لوجه الله، فإن كان قد حصل التلفظ به، فهو وقف بالقول.

وإن لم تتلفظ به فنشرك له على مواقع الانترنت بنية أنه لله فهو وقف بالفعل.

والوقف يصح، ويلزم صاحبه: بالقول، أو الفعل المصاحب للنية أو القرينة الدالة على ذلك.

قال الشَّوكانيُّ: "الحقُّ أنَّ الوقفَ مِن القُرُباتِ التي لا يجوزُ نقْضُها بعْدَ فِعلِها؛ لا للواقفِ، ولا لغيرِه". انتهى من "نيل الأوطار" (6/30).

وينعقد الوقف بأحد أمرين:

الأول: القول الدال على الوقف؛ كأن يقول: وقفت هذا المكان أو جعلته مسجداً، أو جعلته لوجه الله.

الأمر الثاني: الفعل الدال على الوقف في عرف الإنسان، كمن جعل داره مسجداً، وأذن للناس في الصلاة فيه إذناً عاماً أو جعل أرضه مقبرة، وأذن للناس في الدفن فيها.

انظر: "المغني" (187-190)، و"مدونة أحكام الوقف الفقهية" (1/178-210).

ثانياً:

ما أخرجه الإنسان وقفاً أو صدقة لوجه الله، فلا يجوز له أن يعود فيه.

عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (مثَل الذي يرجِعُ في صَدَقَتِه، كمثَلِ الكَلبِ يَقيءٌ، ثم يعودُ في قَيئِه فيأكُلُه) رواه مسلم (1622).

وعن عبد اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّاب تصدَّقَ بفَرَسٍ في سبيلِ الله، فوجَدَه يُباعُ، فأراد أن يَشتَرِيَه، ثم أتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فاستأمَرَه، فقال: (لا تعُدْ في صَدَقَتِك). فبذلك كان ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، لا يَترُكُ أن يبتاعَ شيئًا تصدَّقَ به، إلَّا جَعَلَه صدقةً" رواه البخاري (1489).

قال ابنُ حجر رحمه الله: "أمَّا الصَّدقةُ، فاتَّفقوا على أنَّه لا يجوزُ الرُّجوعُ فيها بعد القَبضِ". انتهى من "فتح الباري" (5/235).

وقال الشيخ ابنُ عُثيمين: "والوقفُ عقدٌ لازِمٌ لا يَجوزُ فسْخُه، ولا يمكِنُ تَغييرُه، لأنَّه ممَّا أُخرِجَ لله تعالى، فلا يَجوزُ أن يَرجِعَ فيه، كالصدَقةِ، فمِن حينِ أن يقولَ الرجُلُ: وقفْتُ بَيتي، أو وقفْتُ سيَّارتي، أو وقفْتُ كِتابي؛ فإنَّه يَلزَمُ، وليس فيه خِيارُ مَجلِسٍ" انتهى من "الشرح الممتع بتصرف يسير" (11/57).

ثالثاً:

مما سبق يتبين أنّ الكتاب يعتبر وقفاً، ولو كنت تملك صلاحية التعديل والإضافة، والحقوق المعنوية

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "لا يُشترَطُ إخراجُ الوقفِ عن يدِ الواقفِ، فلو وقَف البيتَ وبقِيَت يدُه عليه، فالوقفُ يَخرُجُ عن ملكِه وإن لم يَخرُجْ عن يدِه؛ ولهذا لو أنَّ إنسانًا وضَع دراهمَ في جَيبِه على أنَّها صدَقةٌ، ثمَّ بَدا له ألَّا يتصدَّق، فهذا يَجوزُ ولا بأسَ به، فهي ما دامت في يَدِك إنْ شئتَ أمضَيْتَها، وإنْ شِئتَ ردَدْتَها، لكنَّ الوقفَ إذا وُقِفَ نَفَذَ، ولو كان تحتَ سيطرتِه وتحتَ يَدِه". انتهى من "الشرح الممتع" (11/32).

وعليه: فإذا أردت إعادة طباعته فيجوز لك ذلك، ولا تستربح منه، ولدار النشر أن تأخذ أتعابها في الطباعة، ويباع بسعر التكلفة على دور النشر.

والأفضل الخروج من موطن الشبهةـ فإن أردت تحسين الكتاب تجعله نسخة الكترونية على النت تكون متاحة للجميع. كتب الله لك أجرها، وفتح لك أبواب الخير.

والله أعلم

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...