عنوان الفتوى : هل مريم وخديجة وفاطمة وآسية أفضل نساء العالمين حتى قيام الساعة؟ أم في زمانهنّ؟
هل مريم وخديجة وفاطمة وآسية، هنّ أفضل نساء العالمين أجمعين حتى قيام الساعة؟ أم هنّ أفضل النساء في زمانهنّ؟ وهل من الممكن وجود امرأة في مرتبتهنّ، أو أفضل منهنّ في زماننا؟
أرجو أن تكون الإجابة واضحة؛ لأنني لا أفهم العربية الفصحى كثيرًا -جزاكم الله خيرًا-.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأحاديث الصحيحة تدل على أن خديجة وفاطمة وآسية ومريم هُنَّ أفضل نساء العالمين، وأفضل نساءٍ يدخلن الجنة، فقد روى ابن حبان في صحيحه، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ.
وفي حديث ابن عباس مرفوعًا: أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: خَدِيجَةُ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ. رواه ابن حبان أيضًا، وأحمد في المسند، والنسائي في السنن الكبرى، والحاكم في المستدرك، وصححه، ووافقه الذهبي، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح، رجاله ثقات، رجال الصحيح.
ومن أفضل نساء العالمين كذلك -أيضًا- عائشة أم المؤمنين، فقد ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم مع الكُمَّل من النساء، فقال: كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ غَيْرُ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ، وَآسِيَةَ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ. متفق عليه.
قال النووي في شرحه: قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَاهُ: أَنَّ الثَّرِيدَ من كل طعامٍ أَفْضَلُ مِنَ الْمَرَقِ، فَثَرِيدُ اللَّحْمِ أَفْضَلُ مِنْ مرقه بلا ثريد، وثريد ما لا لَحْمَ فِيهِ، أَفْضَلُ مِنْ مَرَقِهِ. وَالْمُرَادُ بِالْفَضِيلَةِ: نَفْعُهُ، وَالشِّبَعُ مِنْهُ، وَسُهُولَةُ مَسَاغِهِ، وَالِالْتِذَاذُ بِهِ، وَتَيَسُّرُ تَنَاوُلِهِ، وَتَمَكُّنُ الْإِنْسَانِ مِنْ أَخْذِ كِفَايَتِهِ مِنْهُ بِسُرْعَةٍ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، فَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْمَرَقِ كُلِّهِ، وَمِنْ سَائِرِ الْأَطْعِمَةِ.
وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ زَائِدٌ، كَزِيَادَةِ فَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ. وَلَيْسَ فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِتَفْضِيلِهَا عَلَى مَرْيَمَ، وَآسِيَةَ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ تَفْضِيلُهَا عَلَى نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ. اهـ.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية: وأما عائشة، فإنها كانت أحب أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، ولم يتزوج بكرًا غيرها. ولا يعرف في سائر النساء في هذه الأمة -بل ولا في غيرها- أعلم منها، ولا أفهم. وقد غار الله لها حين قال لها أهل الافك ما قالوا، فأنزل براءتها من فوق سبع سماوات. وقد عمّرت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قريبًا من خمسين سنة تبلّغ عنه القرآن والسنة، وتفتي المسلمين، وتصلح بين المختلفين.
وهي أشرف أمهات المؤمنين حتى خديجة بنت خويلد أم البنات والبنين في قول طائفة من العلماء السابقين واللاحقين.
والأحسن الوقف فيهما -رضي الله عنهما-؛ وما ذاك إلا لأن قوله صلى الله عليه وسلم: وفضل عائشة على النساء، كفضل الثريد على سائر الطعام، يحتمل أن يكون عامًّا بالنسبة إلى المذكورات، وغيرهن، ويحتمل أن يكون عامًّا بالنسبة إلى ما عدا المذكورات. والله أعلم. انتهى.
والله أعلم.