عنوان الفتوى : ما حكم إتلاف الصور والأفلام المحرمة لمن يعمل في صيانة أجهزة الكمبيوتر والجوال؟
اعمل بصيانة الكمبيوتر وبعض الاحيان تأتينى اجهزة بها افلام وصور محرمة فاقوم بحذفها الى ان شعرت ان اصحاب الاجهزة يتضايقون من فعلى فسألت احد اصدقائى ويعمل مدرس لغة عربية وخطيب مؤقت لاحد المساجد هل احذف هذه الاشياء ام لا فقال لى ليس من حقك ان تحذفها لانك لا تملك الجهاز وانما هو امانة لصيانته فقط ومن يومها لا اقوم بالحذف ولكنى اشعر بالذنب افيدونى افادكم الله ماذا افعل بارك الله فيكم
الحمد لله.
أولا:
من طلب منه صيانة الكمبيوتر ونحوه كالجوال، لم يكن له أن ينظر في محتوى الملفات فضلا عن الصور والأفلام؛ لأمرين:
الأول: أنه لم يؤذن له بذلك، وقد روى مسلم (2158) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ).
روى البخاري (6902) ومسلم (2158) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِعَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ ).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " التَّطَلُّع إِلَى مَا فِي دَاخِل الْبَيْت لَمْ يَنْحَصِر فِي النَّظَر إِلَى شَيْء مُعَيَّن كَعَوْرَةِ الرَّجُل مَثَلًا، بَلْ يَشْمَل اِسْتِكْشَاف الْحَرِيم، وَمَا يَقْصِد صَاحِب الْبَيْت سَتْره، مِنْ الْأُمُور الَّتِي لَا يَجِب اِطِّلَاع كُلّ أَحَد عَلَيْهَا , وَمِنْ ثَمَّ ثَبَتَ النَّهْي عَنْ التَّجْسِيس وَالْوَعِيدُ عَلَيْهِ، حَسْمًا لِمَوَادّ ذَلِكَ ".
وقال: " وَفِي حُكْم الْمُتَطَلِّع مِنْ خَلَل الْبَاب: النَّاظِرُ مِنْ كَوَّة مِنْ الدَّار، وَكَذَا مَنْ وَقَفَ فِي الشَّارِع فَنَظَرَ إِلَى حَرِيم غَيْره، أَوْ إِلَى شَيْء فِي دَار غَيْره.
وَقِيلَ: الْمَنْع مُخْتَصّ بِمَنْ كَانَ فِي مِلْك الْمَنْظُور إِلَيْهِ " انتهى من "فتح الباري" (12/ 245).
ومن المعلوم أن هذه الأجهزة: قد يضع الإنسان فيها ما لا يحب لأحد الاطلاع عليه، من أمور تخصه، أو تخص عمله أو أسرته أو غير ذلك، وإحضاره الجهاز للصيانة لا يعني الإذن في النظر إلى محتواه؛ فالواجب على من يعمل في صيانة هذه الأجهزة وأمثالها: أن يقتصر عمله ونظره على إصلاح الأعطال أو تنزيل البرامج، أو نحو ذلك مما أذن له فيه ، أو طلب منه ؛ دون أن ينظر في الملفات التي يحتويها الجهاز.
الثاني: أن ذلك باب شر وفتنة، فقد تدعوه نفسه لرؤية هذا المحتوى المحرم، أو أخذ نسخة منه؛ وقد قال الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) النور/21
فإن أذن له في النظر في محتويات الجهاز، جاز، دون دخول إلى الأفلام والمقاطع والصور.
ثانيا:
إن كان المنكر ظاهرا، كصورة محرمة على سطح المكتب مثلا، أو بادره شيء من هذه الملفات ، في محل نظره وعمله المأذون، وكانت ظاهرة من الخارج، لم يحتج إلى تفحص محتواها: فالأصل أن هذا من المنكر الذي يجب إزالته على من قدر عليها، دون مفسدة راجحة على هذه الإزالة، ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) رواه مسلم (49).
قال ابن القيم رحمه الله: " وَكَذَلِكَ لَا ضَمَانَ فِي تَحْرِيقِ الْكُتُبِ الْمُضِلَّةِ وَإِتْلَافِهَا.
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْت لِأَحْمَدَ: اسْتَعَرْت كِتَابًا فِيهِ أَشْيَاءُ رَدِيئَةٌ، تَرَى أَنْ أَخْرِقَهُ أَوْ أَحْرِقَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ" انتهى من الطرق الحكمية، ص 233
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وهل يجب على الواحد من الناس أن يكسر هذه المزامير؟
الجواب : لا ؛ لأنه ليس له السلطة .
وهل يجوز أن يكسرها ؟
يُنظر ، إن كان يترتب على ذلك ضرر أكبر فإنه لا يكسرها ، كما لو حصلت فتنة في تكسيرها بأن يقوم صاحبها على هذا وينازعه ويخاصمه وربما يحصل بينهما شر ، فهنا لا يكسرها ولكن إذا سمعها يهرب منها ، وإن لم يكن فتنة بحيث أتى على حين غفلة ووجدها وكسرها فلا بأس ، لكن مع هذا إذا كان يخشى أنه يمكن أن يتتبع حتى يعرف ويحصل الشر والفتنة ، فإنه لا يجوز له أن يكسرها فضلا عن كونه يجب " انتهى من "الشرح الممتع على زاد المستقنع" ( 10 / 219 - 224) .
وقال رحمه الله: " فإذا قال قائل: هل يجوز أن أسطو على صاحب آلة اللهو، وآخذها، وأكسرها؟
الجواب: فيه تفصيل، إذا كان لك سلطة فنعم، أما إذا لم يكن لك سلطة فلا تفعل؛ لأن ذلك يسبب فتنة أكبر من بقائها عنده، وقد تتمكن وقد لا تتمكن، فقد يدافع هو ولا تتمكن، ولكن إذا أخذتها خفية وسرّاً على وجه لم يعلم به، وكسرتها، فهذا طيب، ولا إثم عليك، وليس فيه فتنة" انتهى من الشرح الممتع (14/ 332).
وإن غلب على ظنه حصول مفسدة من إزالتها، كأن يتعرض لأذى من أصحابها لا قبل له به؛ فلا يجب عليه إزالتها، بل يتركها على ما هي عليه، والأحسن له أن يمتنع عن صيانة هذه الأجهزة، إن اطلع على هذه المنكرات قبل صيانتها، وينبغي أيضا أن يعلم أصحابها بسبب امتناعه من صيانتها، إن أمكنه ذلك؛ إنكارا لمنكرهم.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |