عنوان الفتوى : الأفضل أن تصل رحمك وإن قطعوك
قال صلى الله عليه وسلم (لايدخل الجنة قاطع رحم) إن لدي عما وهو أيضاً جاري أزوره دائماً وهو يسيئ معاملتي ولا يرد لي الزيارة وفي الآونة الأخيرة أصبح يطردني من بيته وإن رآني في مكان عام فٌٌإنه يتهرب مني ولا يلقي علي السلام وإن بدأته به فهو لايرد كل ذلك بسبب تافه لايستحق الذكر فهل عليّّ أن أزوره بالرغم من طرده لي وإهانة كرامتي أمامه ؟ أفتونا في ذلك جزاكم الله كل الخير .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: "لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك". والمل والملة: الرماد الحار.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها".
فهذان الحديثان يدلان على أن الأفضل أن تستمر في مواصلة عمك هذا وإن قطعك وأن لك بذلك أجراً عند الله تعالى. وليس في ذلك مذلة لك ولا إهانة لكرامتك، بل إنك إن فعلت ذلك تواضعاً لله تعالى وابتغاء للمثوبة عنده، فسيكون ذلك رفعاً لقدرك عنده وعند الناس، فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه ". ولعلك إن استمررت في دفع إساءة عمك إليك بالإحسان إليه وصلة رحمه يشرح الله صدره للحق، فيترك مقاطعتك، ويتحول فجأة من عدو لدود إلى صديق ودود. فقد قال الله تعالى: ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم* وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) [فصلت: 34-35 ] وعليك أن تبين له بحكمة خطورة قطيعة الرحم وما ورد في ذلك من القرآن والسنة، ومنه الحديث الذي أشرت إليه في السؤال.
والله أعلم.