عنوان الفتوى : من وجبت عليه الجمعة لزمه السعي إليها ولو كان سيدرك ركعة منها فقط
إذا تأخّر شخص عن وقت صلاة الجمعة إلى ما بعد صعود الإمام على المنبر؛ لسبب معين غير السفر، فهل الأفضل والأنسب شرعًا صلاته خارج المسجد أربع ركعات، أو الالتحاق بالمسجد، وإدراك ما لحق من الخطبتين والصلاة؟ بارك الله فيكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجمعة لا تفوت بصعود الإمام على المنبر، ولا بانتهاء الخطبتين، ولا بفوات ركعة منها، بل من أدرك ركعة من الجمعة، فقد أدرك الجمعة؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام، فقد أدرك الصلاة. أخرجه البخاري، ومسلم.
وعليه؛ فليست هنالك مقارنة صحيحة بين الخيارين الذين ذكرتهما؛ إذ الواجب هو الخيار الأخير بلا شك، فمن تجب عليه الجمعة، يلزمه السعي إليها، ولو كان سيدرك ركعة منها فقط، ومن باب أولى لو كان سيدرك بعض الخطبة والصلاة كاملة. ولو لم يفعل، وصلى الظهر أربعًا، فهو آثم بتخلفه عنها لغير عذر.
وننبه إلى أن من تأخّر عن الجمعة، ليس له أجر كأجر من بكَّر في الحضور؛ لما جاء في الصحيحين، وغيرهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح، فكأنما قرّب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرّب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرّب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرّب بيضة، فإذا خرج الإمام، حضرت الملائكة يستمعون الذكر.
لهذا يستحب للمسلم أن يبادر بالذهاب إلى المسجد يوم الجمعة مبكرًا؛ لما في ذلك من الأجر العظيم، والثواب الجزيل.
والجمعة شعيرة من شعائر الإسلام العظيمة، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الجمعة:9}.
وعن أبي هريرة، وابن عمر -رضي الله عنهما- أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: لينتهينّ أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمنّ الله على قلوبهم، ثم ليكوننّ من الغافلين. أخرجه مسلم.
والله أعلم.