عنوان الفتوى : صيام الحامل والمرضع
قرأنا فى بعض الكتب أن الحامل والمرضع يجوز لهما الإفطار فى رمضان مع دفع الفدية ولا يجب عليهما القضاء فهل هذا صحيح؟
يقول الله تعالى عن الصيام {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} البقرة: 184، للعلماء فى تفسير هذه الآية رأيان، رأى يقول بأن الصيام كان فى أول أمره على التخيير، من شاء ممن يطيقونه ويقدرون عليه أن يصوموا أو يفطروا، وعليهم بدل الإفطار أن يخرجوا فدية هى طعام مسكين ومع التخيير فالصوم أفضل، ثم نسخ هذا الحكم وفرض على من يطيقون الصيام أن يصوموا ولا يجوز لهم الفطر والإطعام وذلك لقوله تعالى {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} البقرة: 185، فالناسخ هو هذه الآية كما رواه الجماعة إلا أحمد عن سلمة بن الأكوع قال: لما نزلت هذه الآية {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} كان من أراد أن يفطر ويفتدى حتى أنزلت الآية التى بعدها فنسختها. ورأى يقول بأن الصيام فرض على كل القادرين عليه فقط، وأبيح الفطر للمريض والمسافر ومن يطيقونه أى يتحملونه بمشقة شديدة حيث فسروا الإطاقة بذلك، وهم كبار السن، وفرض على المريض والمسافر القضاء، وعلى كبار السن الفدية فقط دون قضاء، لأنه شاق عليهم كلما تقدمت بهم السن، ومثلهم المريض الذى لا يرجى بروه ولا يرجى أن يقدر على القضاء فهؤلاء يفطرون ويخرجون الفدية. روى البخارى عن عطاء أنه سمع ابن عباس رضى الله عنهما يقرأ {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هى للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينا. وبعض العلماء المعاصرين -كالشيخ محمد عبده -يقيس على الشيوخ الضعفاء والمرضى بمرض مزمن: العمال الذين جعل الله معاشهم الدائم بالأشغال الشاقة كاستخراج الفحم الحجرى من مناجمه، وكذلك يلحق بهم المجرمون المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة إذا قدر عليهم الصيام بالفعل، فليس عليهم صيام ولا فدية حتى لو ملكوها. أما الحبلى والمرضع إذا خافتا من الصيام على أنفسهما أو على أولادهما فيرى ابن عمر وابن عباس انهما يفطران ويخرجان الفدية ولا قضاء عليهما إلحاقا لهما بكبار السن. روى أبو داود عن عكرمة عن ابن عباس قال فى قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه} : كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما لا يطيقان الصيام - يعنى يتحملانه بمشقة شديدة - أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا، والحبلى والمرضع إذا خافتا-يعنى على أولادهما - أفطرتا وأطعمتا، ورواه البزار وزاد فى آخره، وكان ابن عباس يقول لأم ولد له حبلى: أنت بمنزلة الذى لا يطيقه فعليك الفداء ولا قضاء عليك وصحح الدارقطنى إسناده. وروى مالك والبيهقى عن نافع أن ابن عمر سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها فقال: تفطر وتطعم مكان كل يوم مسكينا مدًّا من حنطة. وفى الحديث " إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة- أى قصر الصلاة- وعن الحُبلى والمرضع الصوم " رواه الخمسة أحمد وأصحاب السنن. وعليه فإن الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على أولادهما لهما أن يفطرا، أما القضاء والفدية فإن ابن حزم لا يوجب شيئا منهما، وابن عباس وابن عمر يوجبان الفدية فقط دون قضاء، والأحناف يوجبون القضاء فقط دون فدية، والشافعية والحنابلة يوجبان القضاء والفدية معا إن خافتا على الولد فقط، أما إذا خافتا على أنفسهما فقط أو على أنفسهما وعلى ولديهما فعليهما القضاء فقط دون فدية "نيل الأوطارج 4 ص 43 2 - 5 4 2 ". وفى فقه المذاهب الأربعة: أن المالكية قالوا: الحامل والمرضع إذا خافتا بالصوم مرضا أو زيادته -سواء كان الخوف على أنفسهما أو ولدهما أو أنفسهما فقط أو ولدهما فقط -يجوز لهما الفطر وعليهما القضاء، ولا فدية على الحامل بخلاف المرضع فعليها الفدية. أما إذا خافتا بالصوم هلاكا أو ضررا شديدا لأنفسهما أو ولدهما فيجب عليهما الفطر. والحنفية قالوا: إذا خافت الحامل أو المرضع الضرر من الصيام جاز لهما الفطر سواء كان الخوف على النفس والولد معا، أو على النفس فقط، أو على الولد فقط، ويجب عليهما القضاء عند القدرة بدون فدية. والحنابلة قالوا: يباح للحامل والمرضع الفطر إذا خافتا الضرر على أنفسهما وولدهما أو على أنفسهما فقط، وعليهما فى هاتين الحالتين القضاء دون الفدية، أما إن خافتا على ولدهما فقط فعليها القضاء والفدية. والشافعية قالوا: الحامل والمرضع إذا خافتا بالصوم ضررا لا يحتمل، سواء كان الخوف على أنفسهما وولدهما معا، أو على أنفسهما فقط، أو على ولدهما فقط، وجب عليهما الفطر وعليهما القضاء فى الأحوال الثلاثة، وعليها أيضا الفدية مع القضاء فى الحالة الأخيرة، وهى ما إذا كان الخوف على ولدهما فقط. فرأى الشافعية كالحنابلة فى القضاء والفدية، إلا أن الحنابلة أباحوا الفطر خوف الضرر والشافعية اوجبوه والشافعى فى أحد أقواله يلزم الفدية للمرضع لا للحامل كالمالكية. تتمة: الحديث الذى رواه الخمسة عن أنس بن مالك الكعبى، قال المنذرى: ومن يسمى بأنس بن مالك من رواة الحديث خمسة: صحابيان هذا وأبو حمزة أنس بن مالك الأنصارى خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنس بن مالك والد الإمام مالك بن أنس روى عنه حديث فى إسناده نظر، والرابع شيخ حمصى حدث، والخامس كوفى حدَّث عن حماد ابن أبى سليمان والأعمش وغيرهما. يقول الشوكانى: وينبغى أن يكون أنس بن مللك القشيرى الذى ذكره ابن أبى حاتم سادسا إن لم يكن هو الكعبى
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |