عنوان الفتوى : بيان كون الدعاء على النفس والأولاد من جهل الإنسان
السؤال
أجبتم في أحد الأسئلة وقلتم: إن الدعاء على النفس والأولاد من جهل الإنسان؛ بالرغم أنه يمكن أن يكون إنسان عنده من العلم، ويقول هذه الدعوة. فكيف يحكم عليه بالجهل في هذه الحالة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الشخص لا يعلم النهي الوارد عن الدعاء المذكور؛ فدعاؤه من جهله بلا شك، وإن كان يعلمه، ولا يعمل به، فعدم العمل بالعلم جهل كذلك، وقيل: (العلم محض الجهل إن لم ينفع)، فكل من عصى الله، فهو جاهل؛ كما قاله السلف.
فالشخص إن أقدم على المخالفة -وهو عالم بكونها مخالفة- كان هذا من جهله بلا شك.
قال القرطبي في تفسيره: قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ) السُّوءُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَ (الْأَنْعَامِ) (أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ) يَعُمُّ الْكُفْرَ وَالْمَعَاصِيَ، فَكُلُّ مَنْ عَصَى رَبَّهُ فَهُوَ جَاهِلٌ، حَتَّى يَنْزِعَ عَنْ مَعْصِيَتِهِ. قَالَ قَتَادَةُ: أَجْمَعَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ فَهِيَ بِجَهَالَةٍ، عَمْدًا كَانَتْ، أَوْ جَهْلًا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَمُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ، وَرُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمَا قَالَا: الْجَهَالَةُ هُنَا الْعَمْدُ. انتهى
وبه يتبين أنه لا غبار على ما قلناه بحال، والحمد لله.
والله أعلم.