عنوان الفتوى : شهر رجب

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

سمعنا من بعض المتحدثين انهم يصفون شهر رجب بالأصم فما معنا هذه الكلمة؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

العرب فى زمانهم القديم كانوا يسمون أيام الأسبوع وشهور السنة بأسماء تختلف عن المعهود لنا عند مجىء الإسلام، وكان للجو الطبيعى والنظام القبلى دخل فى تعيين هذه الأسماء. وشهر رجب كان يسمى قديما "أحلك"-كما يقول المسعودى فى كتابه "مروج الذهب " ويقول البيرونى: إن رجب كان يسمى بالأصم، وهو أحد الأشهر الأربعة التى قال الله فيها {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم} التوبة: 16، وهذه الأشهر الحرم قد عينها النبى صلى الله عليه وسلم بأسمائها فى خطبته فى حجة الوداع، وقال عنها: ثلاثة سرد وواحد فرد: والثلاثة السرد هى ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، والفرد هو رجب. ولفظ رجب فيه معنى التعظيم، حيث كان العرب فى الجاهلية يعظمونه ولا يستحلون فيه القتال، كما لا يستحلونه فى الأشهر الثلاثة الأخرى، غير أنه لما كان وحده بعيدا عن أشهر الحج أعطوه اسما فيه معنى التعظيم حتى يتذكره الناس ولا ينسوه، وكان الكثيرون يعتمرون فيه قبل دخول موسم الحج. ولعل وصف رجب بالأصم مأخوذ من السكوت حيث لا تُسمع فيه قعقعة السلاح بالقتال ولا الصيحة بالاستنفار إليه، يقول القرطبى فى تفسيره: كانت العرب تسميه -أى رجب -منصل الأسنة، أى مخرجها من أماكنها، كانوا إذا دخل رجب نزعوا أسنة الرماح ونصال السهام إبطالا للقتال فيه وقطعا لأسباب الفتن لحرمته، وقد ورد ذكر ذلك فى البخارى عن أبى رجاء العطاردى، واسمه عمران بن ملحان، قال: كنا نعبد الحجر، فإذا وجدنا حجرا هو خير منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة من تراب ثم جئنا بالشاء فحلبنا عليه ثم طفنا به، فإذا دخل شهر رجب قلنا: منصل الأسنة فلم ندع رمحا فيه حديدة ولا سهما فيه حديدة إلا نزعناه فألقيناه. وكان من عادة العرب النسىء، وهو تأخير بعض الأشهر الحرم إلى غير موعدها استعجالا للقتال، وكان للقلمس وأولاده زعامة النسىء لا يرد كلامهم وكانت ربيعة بن نزار تؤخر رجب وتجعل بدله رمضان، وكان من العرب من يحلون رجبا ويحرمون شعبان، لكن "مضر" كانت تحافظ على حرمة شهر رجب لا تستحله أبدا، وجاء ذلك فى قول النبى صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع كما رواه الشيخان، وهو يخبر أن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وعين الأشهر الحرم، وعند ذكر رجب قال "ورجب مضر الذى بين جمادى وشعبان " فأضافه إلى مضر لأنها كانت تحافظ على تحريمه أشد من محافظة سائر العرب. قال ابن حجر فى فتح البارى: أضافه إليهم لأنهم كانوا يتمسكون بتعظيمه بخلاف غيرهم، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم موضع رجب بأنه هو ما بين جمادى وشعبان، وليس هو ما كان فى نسيئهم الذى يؤخرونه به عن موضعه الحقيقى. هذا هو شهر رجب الأصم الذى ندب الرسول صلى الله عليه وسلم صيام ما يستطاع منه ومن غيره من الأشهر الحرم، ولم يرد فيه بخصوصه حديث باستحباب الصيام يرتقى إلى درجة الصحة

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...