عنوان الفتوى : التعامل مع غير المسلمين لا تعلق له بالحج
لي زملاء كفار في الشغل أقاطعهم من دون أي خصام وقع، ولكن غيرة على ديني وعروبتي بعد أن سمعت منهم ما لم يسرني، فهل علي مصالحتهم قبل الذهاب إلى الحج؟ وإن لم أصالحهم هل ينقص من حجي شيأ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن المسلم يقول القول الحسن لجميع الناس، كما قال الله تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة: 83]. ولفظ الناس يعم جميع الناس، مسلمهم وكافرهم، ما لم يأت استثناء لبعض أفراد هذا العموم، ومن المستثنين هنا الكفار المحاربون، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً [التوبة: 123]. وقال: أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح: 29]. والكفار هنا هم المحاربون لنا لا كل كافر، لقول الله تعالى في آية الممتحنة: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ الممتحنة: 8]. وقال القرطبي: هي رخصة من الله في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم. ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر: نعم صلي أمك. رواه الشيخان. وكانت أمها كافرة، ولما تواتر من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه من الإحسان إلى غير المسلمين من غير المحاربين، وبالأخص من كان منهم جارا أو قريبا ونحو ذلك. والبر الذي أمرنا به تجاه هذا الصنف من الكفار يشمل كل أنواع البر إلا ما كان فيه تعظيم لشعائر دينهم أو دليل على مودة دينية لهم. وعليه، فحسن معاملتك مع زملائك الكفار المسالمين مما ندب إليه الشرع في كل وقت، وليس له علاقة بالحج من عدمه، ولا ندري أي شيء أعظم من الكفر حتى يسوؤك ما يبلغك عنهم، فليس بعد الكفر ذنب، ومع ذلك، فقد تقدم كيفية معاملتهم. والله أعلم.