عنوان الفتوى : الصلاة على النبي ﷺ مشروعة في التشهد الأول والأخير
من. أس. ع. - أرتيريا، هل الصلاة المفروضة أو الدعاء إذا لم يذكر فيها النبي ﷺ تكون صحيحة أو لا فإن بعض الأشخاص قال: إن الصلاة والدعاء لا يقبلان إلا إذا كان فيهما الصلاة على النبي ﷺ. أفيدونا أفادكم الله؟
ج: الحمد لله الصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن الصلاة على النبي ﷺ مشروعة في صلاتنا المفروضة والنافلة وذلك في التحيات في آخر الصلاة بعد أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وهناك أنواع أخر ثبتت عن النبي ﷺ إذا أتى بواحد منها كفى كأن يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.
أو يقول: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وهناك أنواع أخرى فإذا أتى بأي نوع منها فيما صح عن النبي ﷺ صحت صلاته وكفى، ثم بعدها يتعوذ بالله من أربع: من عذاب النار، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المسيح الدجال، ومن فتنة المحيا والممات، ويدعو بما أحب من الدعاء الطيب قبل أن يسلم.
وهذه الصلاة تشرع أيضًا في التشهد الأول على الصحيح، وقال أكثر أهل العلم: إنها لا تشرع إلا في التشهد الأخير، ولكن الصحيح مشروعيتها أيضا في التشهد الأول، لعموم الأحاديث الواردة في ذلك، ولكنها في التشهد الأخير ركن أو واجب لا بد منه، أما في الأول فمستحبة لأنه قد ثبت عن النبي ﷺ ما يدل على تركها في التشهد الأول فدل على عدم وجوبها فيه.
وقد اختلف العلماء هل هي ركن أو واجب أو سنة في التشهد الأخير على أقوال:
قيل: إنها ركن لا بد منها ولا تصح الصلاة إلا بها، وهو المعروف عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وجماعة.
وقيل: إنها واجبة إن تعمد تركها بطلت الصلاة، وإن نسيها لم تبطل الصلاة، ولكن يسجد للسهو، وهذا قول وسط.
وقال آخرون: إنها سنة لا تبطل الصلاة بتركها لا عمدًا ولا سهوًا بل هي سنة مؤكدة؛ لأن الرسول ﷺ لما سئل كيف نصلي عليك قال: قولوا: اللهم صل على محمد إلخ، ولو كانت فرضًا لفرضها عليهم قبل أن يسألوه وبينها لهم مع التشهد.
وبكل حال فالذي ينبغي للمسلم أن يجيء بها ويحافظ عليها في التشهد الأخير؛ لأن الرسول أمر بها والأمر يقتضي الوجوب، فلا ينبغي للمؤمن أن يدعها في التشهد الأخير وهكذا المؤمنة، أما التشهد الأول فإن أتى بها فهو أولى وأفضل، وإن لم يأت بها فلا حرج عليه، ولكن ليس المجيء بها شرطًا في القبول لعدم الدليل على ذلك.
وقد ذكرنا الخلاف في وجوبها في التشهد الأخير.
وأما الدعاء في التشهد الأخير فهو مستحب، ولكن ليس شرطًا في القبول، فلو لم يدع في التشهد الأخير فصلاته صحيحة ولا حرج عليه في ذلك، ولكن يستحب له الدعاء في التشهد الأخير بعد الصلاة على النبي ﷺ وبعد التعوذ من الأربع التي تقدم ذكرها لقوله ﷺ: إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. وقوله ﷺ لما علم ابن مسعود التشهد: ثم ليختر من المسألة ما شاء. وثبت عنه ﷺ أنه سمع رجلا يدعو في صلاته ولم يحمد الله ولم يصل على النبي ﷺ فقال: عجل هذا، ثم دعاه وقال ﷺ: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي ﷺ، ثم يدعو بما شاء رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم وإسناده صحيح.
ويشرع للمؤمن أن يحرص على أسباب الإجابة من الأكل الحلال والدعاء بقلب حاضر مشفق راغب راهب راج عفو ربه بعيد عن المعاصي، ويتحرى أوقات الإجابة آخر الصلاة وقبل السلام، والدعاء في السجود، وبين الأذان والإقامة، وفي آخر الليل وبعد العصر يوم الجمعة إلى أن تغيب الشمس حال كونه ينتظر صلاة المغرب وحين صعود الخطيب المنبر يوم الجمعة إلى أن تقضى الصلاة. والله أعلم[1].
--------------------
من برنامج (نور على الدرب)، الشريط رقم (66). (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 11/202).